كما قال الله تعالى وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ اى خزائنه وقياس واحدها الفتح لكن على هذا التأويل قوله تعالى لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ لا يدل على كثرة خزائنه غاية الكثرة فان ما يحمله أربعون من الرجال لا يبلغ غالبا اربع مائة الف درهم. وقال جرير عن منصور عن خيثمة قال وجدت فى الإنجيل مفاتح خزائن قارون وقرستين بغلا ما يزيد مفتاح منها على إصبع لكل مفتاح كنز ويقال ان قارون اين ما ذهب يحمل معه مفاتيح كنوزه وكانت من حديد فلمّا ثقلت عليه جعل من خشب فثقلت عليه فجعلت من جلود البقر على طول إصبع وكانت تحمل معه إذا ركب على أربعين بغلا- وهذه الروايات لا يساعدها القران إذا لعصبة لا يطلق الا على الرجال دون البغال قال البغوي واختلفوا فى العصبة قال مجاهد ما بين العشرة الى خمسة عشر وقال الضحاك عن ابن عباس ما بين الثلاثة الى العشرة وقال قتادة ما بين العشرة الى الأربعين وكذا فى القاموس وقيل سبعون وروى عن ابن عباس رض انه قال كان يحمل مفاتحه أربعون رجلا أقوى ما يكون من الرجال- ومعنى قوله لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ اى تنتقلهم وتميل بهم إذا حملوها لثقلها وقال ابو عبيدة هذا من المقلوب تقديره ما ان العصبة لتنوء بها يقال ناء فلان بكذا إذا نهض به مثقلا والجملة خبر ان وهى مع جملتها صلة ما وهى ثانى مفعولى اتيناه ومن الكنوز حال مقدم عليه إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ ظرف لتنوء لا تَفْرَحْ الفرح السرور وانكشاف الصدر بوجدان المرغوب والفرح المنهي عنه هو البطر بمعنى الطغيان والتكبر عن قبول الحق عند ما يرى نفسه غنيّا قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى فى القاموس الفرح السرور والنظر وفسر البغوي لا تفرح بقوله لا تبطر ولا مأشر ولا تمرح وانما ذلك لان الفرح بمعنى السرور عند وجدان المرغوب امر طبغى لا اختيار للعبد فيه فلا يتصور عنه النهى. وقال البيضاوي والفرح بالدنيا مذموم مطلقا لانه يحبسه حبها والرضاء بها والذهول عن ذهابها فان العلم بان ما فيها من اللذات مفارقة لا فحاله توجب التبرج ولذلك قال الله تعالى لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وعلل النهى هاهنا بكونه مانعا من محبة الله إيانا فقال إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ بزخارف الدنيا المتكبرين بها غير شاكرين عليها قال بعض المحققين قد ورد ذم الفرح فى مواضع عديدة من القران قال الله تعالى فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما