الطبراني بسند رجاله ثقات عن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله يقول الله تعالى للعلماء إذا قعد على كرسيه لفصل عباده انى لم اجعل علمى وحكمى الا وانا أريد ان اغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي. واخرج ابن عساكر عن ابى عمر الصنعاني (اسمه حفص بن ميسرة) قال إذا كان يوم القيامة عزلت العلماء فاذا فرغ الله تعالى من الحساب قال لم اجعل حكمتى فيكم الا بخير أريدكم اليوم ادخلوا الجنة بما منكم وقال عقبة بن صهبان سالت عن عائشة عن قوله تعالى أورثنا الكتب الّذين اصطفينا من عبادنا فقالت يا بنى كلهم فى الجنة اما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة واما المقتصد فمن اتبع اثره حتى لحق به واما الظالم لنفسه فمثلى ومثلكم فجعلت نفسها معنا قلت ويمكن حمل هذه الأصناف الثلاثة على المصطفين الأخيار من هذه الامة اى الأولياء فمنهم ظالم لّنفسه وهو من يمنع نفسه عن حقوقه كما يمنعه عن حظوظه كاهل الرياضات والمجاهدات الشاقة رهبانية ابتدعوها ومنهم مقتصد يمنع نفسه عن حظوظه ويعطيه حقوقه فيصوم ويفطر ويصلى ويرقد وينكح ويأكل ويشرب ما أبيح له على ما هو السنة هم الذين قال عائشة فيهم من اتبع اثره حتى لحق به- ومنهم سابق بالخيرات المستغرق فى كمالات النبوة وهم الصحابة رضى الله عنهم والصديقون كما قالت عائشة وزعمت عائشة نفسها من الظالمين هضما وزعمت المخاطبين منهم لاجل رياضاتهم- وبالجملة فالاحاديث كلها تدل على ان الأصناف الثلاثة من المؤمنين او من العلماء فمن قال أريد بالظالم الكافر او المنافق فقوله مردود سئل ابو يوسف عن هذه الاية فقال كلهم مؤمنون واما صفة الكفار فبعد هذا وهو قوله والّذين كفروا لهم نار جهنّم واما الطبقات الثلاث فمن الذين اصطفى من عباده لانه قال فمنهم ومنهم ومنهم والكل راجع الى الذين اصطفى من عباده وهم اهل الايمان وعليه الجمهور- وقدم الظالم فى الذكر لكثرة الظالمين وقلة
السابقين وتوسط المقتصدين او لان الظلم بمعنى الميل الى الهوى مقتضى الجملة والاقتصاد والسبق عارضان لكن الاقتصاد متوسط بين المنزلتين ذلِكَ التوريث او الاصطفاء هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) .