للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ سدوا آذانهم عن وعيد حرمة ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ حذر الموت- وهو القول بما لا يساعده آراؤهم ولا يوافق مذهبهم حيث يزعمونه موتا وجعلوا القران تابعا لارائهم الكاسدة- فكلّما أضاء لهم وأدرك عقولهم مشوا فيه وأمنوا به وإذا اظلم عليهم ولم تساعده عقولهم قاموا عن الايمان به ووقفوا لديه وابتغوا تأويله على حسب آرائهم الكاسدة- فمنهم من لم يدرك عقله موجودا لا يكون جسما ولا يكون كمثله شىء أنكر التنزيه وصار مجسما- ومنهم من أنكر الروية- ومنهم من أنكر عذاب القبر ووزن الأعمال والصراط ونحو ذلك- ومنهم من أنكر كون القران كلام الله غير مخلوق فصاروا اثنتين وسبعين فرقة- روافض- وخوارج- واهل الاعتزال والمجسمة ونحو ذلك قائلين نومن ببعض الكتاب ونكفر ببعض- وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ حيث جعلوا كتاب الله تعالى تابعا لارائهم وعلى هذا التقدير قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ شامل لاثنين و «١» سبعين فرقة من اهل الأهواء الذين فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ يدّعون الايمان ويقولون آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وانزل الله تعالى فى كتابه وتواتر به الاخبار- يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا- بتأويلاتهم النصوص- وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ بل يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وزيغ- فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وزيغا حيث القى الشيطان في قلوبهم التأويلات الفاسدة- وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ على الله ويكذّبون ظاهر النصوص- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بتحريف الكلم عن مواضعه وتعويج الدين القويم قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ يعنى اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم واهل بيته وجمهور الناس وهم اهل السنة والجماعة فانهم اكثر الناس وللاكثر حكم الكل ويد الله على الجماعة رواه الترمذي عن ابن عباس


(١) مجرد هذا القول وان كان شاملا لكن بعض المعطوفات عليه مثل قوله وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا الاية مختص بمن يجوز التقية في مذهبه من اهل الأهواء دون من يجاهر بها- فلا يصح الشمول لجميع الفرق- قلت عدم شمول بعض المعطوفات لجميع الفرق لا ينافى نزول الآيات في جميع اهل الأهواء كما ان قوله تعالى وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ شامل للرجعيات والبائنات وقوله تعالى وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ مختص بالرجعيات- وايضا المختص ببعض الفرق انما هو وجوب التقية واما جواز التقية عند استيلاء المخالفين وخوف القتل فغير مختص حتى انه جاز عند اهل السنة ايضا التقية عند استيلاء الكفار وخوف القتل حيث قال الله تعالى إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وقال الله تعالى إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ- ولا شك ان الله سبحانه لكن اهل الحق اهل السنة والجماعة في البلاد وجعل اهل الأهواء مغلوبين مقهورين غالبا خائفين على أنفسهم وأموالهم فكلهم يقولون بحضور اهل السنة خوفا منهم على حسب عقائدهم- منه رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>