للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أصاب رميته غالبا قال الشيخ الأكبر محى الدين ابن العربي قدس سره أنكروا دعوة نوح لما كان من الفرقان وأجابوا دعوة محمد صلى الله عليه وسلم لما كان من القران يعنى لما كانت استعدادات العوام في غاية الانخفاض ونوح عليه السلام كان في مقام العروج لم يتأثر العوام منه لاجل الفراق بينهما ولما نزل محمد صلى الله عليه وسلم غاية النزول أجابوا دعوته لحصول مقارنة- إذ سمعت هذا فاعلم ان العارف تام المعرفة قد يظهر عليه اثار النزول فحينئذ يكون على هيئة العوام متشبثا بالأسباب- ويحكى عن هذا المقام انه صلى الله عليه وسلم لبس في الحرب درعا من حديد فوق درع وحفر الخندق حول المدينة وفي هذا المقام يتشبث العارف لطلب زيادة اليقين واطمينان القلب بتحتم الاستدلال ونحو ذلك وعن هذا المقام قصة ابراهيم عليه السلام هذه وقصة لوط حين قال لو انّ لى قوّة «١» او أوى الى ركن شديد- وعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب زيادة اليقين بالشك مجازا للمشابهة الصورية واخبر عن مقام نزوله بقوله نحن أحق بالشك من ابراهيم بمعنى ان نزولنا أتم من نزول ابراهيم فنحن اولى بطلب زيادة اليقين منه ولا شك ان نزوله عليه السلام كان أتم من نزول ابراهيم يدل عليه كونه مبعوثا الى كافة الأنام كما ان عروجه صلى الله عليه وسلم كان فوق كل عروج فكان قاب قوسين او ادنى فهو المحدد لجهات الكمال عليه وعلى الله الصلاة والسلام ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم رحم الله لوطا لقد كان يأوى الى ركن شديد انه كان في مقام النزول فهذا مدح له عليه السلام وقوله صلى الله عليه وسلم لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لا جبت الداعي ايضا يدل على ان نزول محمد صلى الله عليه وسلم كان أتم من نزول يوسف عليه السلام ولو كان نزول يوسف مثل نزوله عليه السلام لاجاب الداعي والله اعلم- قالَ الله تعالى فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ الطير مصدر اسمى به او جمع طائر كصحب وصاحب قال مجاهد وعطاء بن «٢» رباح وابن جريح أخذ طاء وساوديكا وحمامة وغرابا وحكى عن ابن عباس تسر بدل الحمامة وقال عطاء الخراسانى اوحى الله اليه انّ خذ بطة خضراء وغرابا اسود وحمامة بيضاء وديكا احمر قلت لعله امر بأخذ اربعة من الطير لان الإنسان وكذا سائر الحيوانات مركب من الاخلاط الاربعة المتولدة من العناصر الاربعة فالديك الأحمر يحكى عن الدم والحمامة البيضاء عن البلغم والغراب الأسود عن السوداء والبط الخضراء عن الصفراء-


(١) فى القران بكم قوّة- ابو محمد عفا الله عنه
(٢) الصحيح ابن ابى رباح- ابو محمد عفا الله عنه [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>