للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا تسعمائة وخمسين رجلا من المقاتلة رأسهم عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس وفيهم مائة فرس وكانت حرب بدر أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة بثمانية عشر شهرا فى رمضان سنه يَرَوْنَهُمْ قرا نافع وابو جعفر- ابو محمد ويعقوب بالتاء على الخطاب فان كان الخطاب لليهود فالمعنى يا معشر اليهود ترونهم يعنى كفار مكة مِثْلَيْهِمْ اى مثلى المسلمين وذلك ان جماعة من اليهود حضروا قتال بدر لينظروا على من يكون الدبرة فراوا المشركين مثلى عدد المسلمين وراوا النصرة مع ذلك للمسلمين فان قيل كيف قال مثليهم وهم كانوا ثلاثة أمثالهم قلنا لعل المراد كثرتهم وتكرار أمثالهم دون التثنية كما فى قوله تعالى ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يعنى كرة بعد اخرى- وان كان الخطاب للمشركين فالمعنى ترونهم يا معشر الكفار اى المسلمين مثليهم وذلك حين القتال ولا تناقض بين هذا وبين قوله تعالى فى سورة الأنفال وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لانهم قلّلوا فى أعينهم قبل القتال حتى اجترءوا عليهم فلما تلاقوا وشرعوا فى الحرب كثر المسلمون فى أعينهم حتى جبنوا وغلبوا وقرا الجمهور بالياء على الغيبة وعلى هذا فالضمير المرفوع جاز ان يكون راجعا الى المشركين والمعنى يرى المشركون المسلمين مثلى المشركين او مثلى المسلمين وجاز ان يكون راجعا الى المسلمين يعنى يرى المسلمون المشركين مثلى المسلمين حيث قللهم الله تعالى فى أعينهم حتى راوهم مثلى أنفسهم مع كونهم ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم وتيقنوا بالنصر الذي وعدهم الله تعالى فى قوله فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ثم قللهم الله تعالى حتى راوهم مثل عدد أنفسهم قال ابن مسعود نظرنا الى المشركين فرايناهم يضعّفون علينا ثم نظرنا إليهم فما رايناهم يزيدون علينا رجلا واحدا ثم قللهم الله تعالى ايضا فى أعيننا حتى رايناهم عددا يسيرا اقل من أنفسنا حتى قلت لرجل الى جنبى نراهم سبعين قال أراهم مائة والروية هاهنا بمعنى العلم حتى يكون مثليهم مفعولا ثانيا له إذا المعنى لا يساعد كونه حالا فعلى هذا قوله تعالى رَأْيَ الْعَيْنِ مبنى على المبالغة فى علمهم بكونهم مثليهم وتشبيه لهذا العلم بالعلم الحاصل بروية العين فاطلق رأى العين وأريد به العلم الحاصل به مجازا تسمية المسبب باسم السبب فهو منصوب على المصدرية وجاز ان يكون منصوبا بنزع الخافض اى كرأى العين وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التقليل والتكثير ... ...

<<  <  ج: ص:  >  >>