واحمد وقال الشافعي صلاحا فى الدين وحفظا للمال وعلما بما يصلحه، روى البيهقي من طريق على بن طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى آنستم منهم رشدا معناه رايتم منهم صلاحا فى دينهم بعد الحلم وحفظا لاموالهم وروى مثله الثوري فى جامعه عن منصور عن مجاهد والبيهقي من طريق يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن فالفاسق غير رشيد عند الشافعي رشيد عند غيره فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ من غير تأخير عن البلوغ، قوله فادفعوا جزاء لان الشرطية وإذا بلغوا ظرف فيه معنى الشرط متعلق بادفعوا وحتى للابتداء وما قبلها سبب لما بعدها ولا يجوز ان يكون حتى جارة متعلقا بالجملة السّابقة لان إذا لتضمنه معنى فى لا يصلح ان يدخل عليه حتى الجارة فالمعنى وابتلوا اليتامى حتى تدفعوا إليهم أموالهم إذا بلغوا النكاح وآنستم منهم رشدا فالابتلاء سبب للدفع والدفع مشروط بشرطين البلوغ وإيناس الرشد ولذا قال الشافعي ومالك واحمد وابو يوسف ومحمد لا يدفع إليهم أموالهم ابدا ما لم يونس منهم الرشد خلافا لابى حنيفة حيث قال إذا بلغ خمسا وعشرين سنة يدفع اليه ماله لان المنع باعتبار اثر الصبا وهو فى أوائل البلوغ وينقطع بتطاول الزمان فلا يبقى المنع، ولهذا قال ابو حنيفة لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لا يمنع المال عنه لانه ليس بأثر الصبا، قال ابو حنيفة تنكير رشدا فى الاية يفيد التقليل يعنى نوعا من الرشد حتى لا ينتظر به تمام الرشد فاذا بلغ خمسا وعشرين سنة فقد يصير جدا فى هذا السن فلا يخلو عن نوع من الرشد فى التصرفات وان منع المال عنه بطريق التأديب، ولا تأديب بعد هذا ظاهرا او غالبا فلا فائدة فى المنع فلزم الدفع.
(مسئلة:) السفيه الذي لا يدفع اليه ماله لا ينفذ تصرّفه القولى فى ماله مطلقا من البيع والاعتاق وغير ذلك عند الشافعي وعند محمد ينفذ ما لا يحتمل الفسخ كالعتق ولا ينفذ ما يحتمله، كالبيع الّا بإذن وليه وعند ابى يوسف واكثر العلماء ينفذ تصرّفاته ما لم يحجر عليه القاضي ويجوز للقاضى حجره فاذا حجره القاضي لا ينفذ بيعه ولا كل تصرّف يؤثر فيه الهزل وينفذ عتقه وعلى العبد ان يسعى فى قيمته عند ابى يوسف ومحمد وعن محمد انه لا يجب السعاية وعند ابى حنيفة لا يجوز للقاضى الحجر على العاقل البالغ لاجل السفه او الدين او الفسق لان فيه اهدار آدميته والحاقه بالبهائم وهو أشد ضررا من التبذير فلا يتحمل الا على لدفع الأدنى ... ...