اى دعوا الى الكفر او الى قتال المسلمين أُرْكِسُوا فِيها اى قلبوا وأعيدوا فى الفتنة أقبح قلب وإعادة فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ عطف على يعتزلوا وَكذا قوله يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ اى ان لم يعتزلوا قتالكم ولم ينقادوا لكم بطلب الصلح ولم يكفوا أيديهم عن الشر فَخُذُوهُمْ أسارى وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اى حيث مكنتم منهم وظفرتم بهم وَأُولئِكُمْ اى اهل هذه الصفة جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١) اى حجة ظاهرة اذنا بالقتل والقتال لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم فى الكفر والغدر والإضرار بالمسلمين- والله اعلم قال البغوي ان عياش بن ربيعة المخزومي انى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فاسلم ثم خاف ان يظهر إسلامه لاهله فخرج هاربا الى المدينة وتحصن فى أطم من اطامها فجزعت امه لذلك جزعا شديدا وقالت لا بنيها الحارث وابى جهل ابني هشام وهما أخواه لامه والله لا يظلنى سقف ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتونى به فخرجا فى طلبه وخرج معهما الحارث بن زيد بن ابى انيسة حتى أتوا المدينة فاتوا عياشا وهو فى الأطم وقالا له انزل فان امّك لم يؤويها سقف بيت بعدك وقد خلفت ان لا تأكل طعاما ولا شرابا حتى ترجع إليها ولك الله علينا لانكرهك على شىء ولا نحول بينك وبين دينك فلما ذكروا له جزع امّه وأوثقوا بالله نزل إليهم وأخرجوه من المدينة ثم أوثقوه «١» بنسعة فجلده كل واحد منهم مائة جلدة ثم قدموا به على امه فلما أتاها قالت والله لا أخليك من وثاقك حتى تكفر بالذي امنت به ثم تركوه موثقا مطروحا فى الشمس ما شاء الله فاعطاهم الذي أرادوا فاتاه الحارث بن زيد فقال يا عياش اهذا الذي كنت عليه فو الله لان كان هدى لقد تركت الهدى ولئن كان ضلالة لقد كنت عليها فغضب عياش من مقالته فقال والله لا ألقاك خاليا ابدا الّا قتلتك ثم انّ عيّاشا اسلم بعد ذلك وهاجر ثم اسلم الحارث بن زيد بعده وهاجر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عياش حاضرا يومئذ ولم يشعر بإسلامه فبينا عيّاش يسير بظهر قبا إذ لقى الحارث فقتله فقال الناس ويحك اى شىء صنعت انه قد اسلم فرجع عياش
(١) النسعة بالكسر سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره وقد ينسج عريضة على صدر البعير- نهاية يعنى نوادر منه رحمه الله