للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلل الاخر وقال الزجاج الخليل الذي ليس فى محبته خلل او من الخل وهو الطريق فى الرمل فانهما يتوافقان فى الطريق او من الخلة بمعنى الخصلة فانهما يتوافقان فى الخصال وقيل هو من الخلة بمعنى الحاجة فان كل واحد من الخليلين يحتاج اليه صاحبه قيل سمى ابراهيم خليلا اى فقيرا الى الله لانه لم يجعل فقره وفاقته الّا الى «١» الله تعالى روى عنه عليه السّلام انه لما القى الى النار جاءه جبرئيل فقال هل لك حاجة قال امّا إليك فلا فقال سل ربك قال حسبى عن سوالى عمله بحالي فان قيل لا يستقيم هذا المعنى فان قوله تعالى وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا يقتضى الخلة من الجانبين ولا يتصور الحاجة من الجانبين قلنا قد عرفت فى مبدا الكتاب ان اسماء الله تعالى وصفاته يؤخذ باعتبار الغايات دون المبادي فانه تعالى رحمن رحيم وهما مشتقان من الرحمة بمعنى رقة القلب المقتضى للتفضل والإحسان فاطلاقهما عليه سبحانه باعتبار التفضل والإحسان لا باعتبار رقة القلب إذ هو منزه عن القلب ورقته فكذا اطلاق الخلة عليه سبحانه باعتبار صفاء المحبة المبنى على الحاجة فى غيره تعالى لا باعتبار الحاجة تعالى عن ذلك علوّا كبيرا وقوله تعالى وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا جملة معترضة لا محل لها من الاعراب وفائدتها التأكيد فى وجوب اتباع ملته لان من بلغ من الله منزلة اتخذه الله خليلا كان جديرا بالاتباع قال المجدّد رضى الله عنه الخليل هو النديم الذي يعرض المرء عليه اسرار محبّه ومحبوبه اخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم فى تفاسيرهم عن زيد بن اسلم قال ان اوّل جبار كان فى الأرض نمرود وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام فخرج ابراهيم عليه السلام يمتار مع من يمتار فاذا مرّ به ناس قال من ربّكم قالوا أنت حتى مرّ ابراهيم فقال من ربّك قال رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ ... فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ فرده بغير طعام فرجع ابراهيم


(١) فكان يعطى ولا يأخذ ولا يتوجه الى أحد غيره تعالى اخرج البيهقي فى الشعب عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبرئيل لم اتخذ الله ابراهيم خليلا قال لا طعامه الطعام يا محمد واخرج ابن المنذر عن ابن أبزى انه سال ابراهيم ملك الموت باىّ شىء اتخذني ربى خليلا قال بانك تحب ان تعطى ولا تأخذ واخرج الديلمي عن ابى هريرة نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم وسنده واه وعن زبير بن بكار قال اوحى الله الى ابراهيم أتدري لم اتخذتك خليلا قال لا يا رب قال لانى اطلعت على قلبك فوجدتك تحبّ ان ترزا ولا ترزا يعنى تعطى ولا تعطى منه رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>