للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفاته، ولا في شيء من أفعاله ومخلوقاته، ولهذا قال تعالى: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء/ ٩١ - ٩٨]. فأخبر سبحانه أنه يُكبكَبُ في جهنم المعبودون من دون الله هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون، وأنهم يقولون لما دعوه من دون الله: لقد كنا في ضلالٍ مبين إذ نسويكم برب العالمين. ومعلومٌ أنهم لم يجعلوهم مساوينَ له في كل شيء، فإن أحدًا من الخلق لم يقل: إن العالم صدَرَ عن خالقينِ متكافئينِ في الصفات والأفعال، وإنما تسويتُهم إياهم بالله أنهم عبدوهم كما عبدوهُ، كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة/ ١٦٥]، فجعلوهم مثله في العبادة، وهذه تسوية.

وفي الصحيحين (١) عن عبد الله بن مسعود قلت: يا رسول الله، أيُّ الذنب أعظمُ؟ قال: "أن تجعلَ لله نِدًّا وهو خلقك"، قلت: ثمَّ أيٌّ؟ قال: "أن تزني بحليلةِ جارِك".

فعُلِم أن الله تعالى لا يجوز أن يُساوَى بغيرِه في شيء من الأشياء. ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام/ ١] أي يجعلون له عِدْلًا، والعدل: المثل. وقد قدَّمنا أن المعادلة في كل شيء لم يفعلها أحدٌ، فعُلِمَ أن من جَعل له عِدْلًا في شيء من الأشياء فقد عدل بربه.


(١) البخاري (٤٤٧٧) ومسلم (٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>