للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا} [البقرة/ ٢٢]، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا} [البقرة/ ١٦٥]. والندُّ: المُنادُّ المُناوِئ، ومن المعلوم أن أحدًا لم يجعل لله من يُكافئه في كل شيء، ولكن في بعض الأشياء دون بعضٍ، فعُلِمَ أن الله لا يكون له نِدٌّ في شيء من الأشياء.

ولهذا لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: ما شاءَ الله وشِئتَ، فقال: "أجعلتَني لله ندًّا؟ قُلْ: ما شاءَ الله وحدَه" (١). وفى السنن (٢) أن رجلًا رأى يهوديًّا يُعيِّرُ المسلمين يقول: نِعْمَ القومُ أنتم لولا أنكم تُندِّدون! تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: "قولوا: ما شاء الله ثمَّ شاء محمد".

فمن جعل لشيء من صفاتِه من علمِه أو قدرتِه أو حياتِه أو سمعِه أو بصرِه أو رضاه أو غضبِه أو رحمتِه أو خَلْقِه بيديْه أو إتيانِه أو مجيئِه أو استوائه أو نزوله أو غير ذلك عِدْلًا أو مِثْلًا مما يُوجد في المخلوقين فقد سَوَّاه بربِّ العالمين في ذلك، وجعلَ له عِدْلًا في ذلك، كما أن المشركين إنما جعلوا له عِدْلًا ونِدًّا ومساويًا في بعض الأمور.

ولهذا قال الإمام أحمد في رواية حنبل: المشبِّه الذي يقول: بصرٌ كبصري ويدٌ كيدي وقدمٌ كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبَّهَ الله بخلقِه، ومن قال هذا فهو ممثِّلٌ بربِّه عادلٌ به مُسوٍّ به، ولو جعل أحدهما أكبر من


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢١٤، ٢٢٤، ٢٨٣، ٣٤٧) والبخاري في الأدب المفرد (٧٨٣) وابن ماجه (٢١١٧) عن ابن عباس. وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣٩٣) وابن ماجه (٢١١٨) عن حذيفة بن اليمان. وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>