المعنى المنفيّ بالنص والعقل، وادُّعي أنه ظاهر الكتاب والسنة، فإن هذا لم يدلَّ [عليه] ظاهر الكتاب والسنة.
وهو إن قال: ظاهر النصوص أن صانع العالم متميزٌ عن المخلوقات بائنٌ عنها، وأن ذاته وحقيقته فوقَ حقيقة المخلوقات وذواتها، بحيث يرفع الناس أبصارَهم وأيديَهم إليه، تَعرُج الملائكة والروحُ إليه، وعُرِج بالرسولِ إليه، وتَصعَد أرواحُ العباد، وأن الناس يمكن أن يروه يومَ القيامة بأبصارهم فوقَ رؤوسهم ويشيرون إليه بأبصارهم وأيديهم، وأنه فوقَ الأمكنة كلِّها، وأنه خلقَ آدم بيديه اللتين هما اليدان، وأنه استوى فوقَ العرش فارتفع عليه وعلا عليه، وذاته فوقَ ذاتِ العرش، ونحو ذلك، وأن له ذاتًا حقيقةً ليس عدمًا ولا شَبَحًا ولا خيالًا، بل حقيقتُه أعظمُ الحقائق، وإن كان لا يعلم ما هو إلّا هو، ولا يَبلُغ قدرتَه غيُره، ونحو ذلك.
فإن قال: هذه المعاني وما أشبهها هي ظاهر النصوص.
قلنا: هذا مسلَّمٌ، لكن بمنع المقدمة الثانية، وهو قولك: هذا منتفٍ، وإذا سمَّاه من سمَّاه تشبيهًا وتجسيمًا، لكن مجرد تسميتهم له بهذا الاسم لم يكن موجبًا لتركِ ما دل عليه (١) الكتاب والسنة، أو لتركِ ما عُلِمَ بالفطرة والعقلِ وإجماع السلفِ وأتباعِهم من الخلفِ أهل العلم والإيمانِ، فإن هذا الاسم إن لم يكن مطابقًا للمسمَّى كان كذبًا، كتسمية قريشٍ للنبي صلى الله عليه وسلم مذمَّمًا، وتسميتهم له شاعرًا وساحرًا ومجنونًا، ونحو ذلك مما يجدون بينه وبين المسمَّى به من اشتراكٍ في أمرٍ من عوارضِ