للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه عن الآيات والأحاديث الواردة في الصفات، فكتب جوابًا ذكر فيه مذهب السلف ورجحه على مذهب المتكلمين، وكتب هذا الجواب في جلسةٍ بين الظهر والعصر، كما ذكر ذلك الشيخ نفسه في مقدمة بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤): "كنتُ سئلتُ من مدة طويلةٍ، بُعيدَ سنة تسعين وستمئة (١) عن الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله، في فتيا قدمتْ من حماة، فأحلتُ السائلَ على غيري، فذكر أنهم يريدون الجواب مني لابدَّ، فكتبتُ الجوابَ في قعدةٍ بين الظهر والعصر، وذكرتُ فيه مذهب السلف والأئمة المبني على الكتاب والسنة".

سُمِّيت هذه الفتيا بالحموية نسبةً إلى حماة، وانتشرت في البلاد، واشتهر أمرها، وأثارت ضجة في أوساط المتكلمين، وامتُحِن الشيخ بسببها محنةً عظيمة في دمشق، وكانت من أوائل المحن التي تعرَّض لها في حياته. وكان الشيخ قبل ذلك بقليل أنكر أمر المنجمين (٢)، واجتمع بسيف الدين جاغان في ذلك في حال نيابته بدمشق وقيامه مقام نائب السلطة، فامتثل أمره وقبِلَ قوله، والتمس منه كثرةَ الاجتماع به، فحصل بسبب ذلك ضيقٌ لجماعة، مع ما كان عندهم قبل ذلك من كراهية الشيخ وتألُّمهم لظهوره وذكرِه الحسن. فانضاف شيء إلى أشياء، ولم يجدوا مساغًا إلى الكلام فيه لزهده وعدمِ إقباله على الدنيا، وترك المزاحمة على المناصب، وكثرة علمه، وحُسْن أجوبته وفتاويه، وما يظهر فيها من


(١) ذكرت المصادر أنه وقع ذلك في أول شهر ربيع الأول من سنة ٦٩٨. انظر العقود الدرية (ص ١٩٨) والبداية والنهاية (٤/ ١٤) والدرر الكامنة (١/ ١٥٥) وغيرها.
(٢) انظر مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٢)، حيث ناقش زعماءهم وبيَّن فساد صناعتهم بالأدلة العقلية التي يعترفون بصحتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>