فعمدوا إلى الكلام في العقيدة لكونهم يرجّحون مذهب المتكلمين في الصفات والقرآن على مذهب السلف، ويعتقدونه الصواب، فأخذوا الجواب الذي كتبه الشيخ، وعملوا عليه أوراقًا في ردّه، ثم سعوا السعي الشديد إلى القضاة والفقهاء واحدًا واحدًا، وأغروا خواطرهم، وحرَّفوا الكلام، وكذبوا الكذب الفاحش، وجعلوه يقول بالتجسيم - حاشاه من ذلك - وأنه قد أوعزَ ذلك المذهب إلى أصحابه، وأن العوامّ قد فسدت عقائدهم بذلك. ولم يقع من ذلك شيء والعياذ بالله. وسعوا في ذلك سعيًا شديدًا، فوافقهم جلال الدين الحنفي قاضي الحنفية يومئذٍ على ذلك، ومشى معهم إلى دار الحديث الأشرفية، وطلب حضورَه، وأرسل إليه فلم يحضر، بل أجابه الشيخ بقوله: إن العقائد ليس أمرُها إليك، وإن السلطان إنما ولّاك لتحكم بين الناس، وإن إنكار المنكرات ليس مما يختصُّ به القاضي.
فلما وصل إلى القاضي هذا الجواب غضب، وأمر بأن ينادى في البلد ببطلان عقيدته، لكن الأمير سيف الدين جاغان أرسل طائفةً إلى المنادي، فضُرِب ومن كان معه، وأمر الأمير بطلب من سعى في ذلك فاختفوا.
ولما هدأت الأمور جلس الشيخ يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول، وكان تفسيره في درسه لقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]، وذكر الحلم وما ينبغي استعماله، وكان درسًا عظيمًا.
ثم اجتمع الشيخ بعد ذلك بالقاضي الشافعي إمام الدين القزويني، وواعده لقراءة جزئه الذي أجاب فيه، أي "الحموية"، فاجتمعوا يوم