ومن الأمور المهمة في الحوار الالتزام بطرق الإقناع الصحيحة، من تقديم الأدلة المثبتة للدعوة صحةً وطريقة في الاستدلال، لأن بعض الناس يستدلون بأدلة ضعيفة، وبعضهم يستدل بأدلة صحيحة لكن بطريقة خاطئة، فالحديث صحيح لكن يستعمله بطريقة خاطئة، اليوم أحد الناس قال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- حديث في مسند أحمد -: (ليس منا من حَلَقْ) كيف يقول: ليس منا من حلق وهو قد حلق في الحج والعمرة؟ طيب -يا أخي- هذا الحديث:(ليس منا من حَلَقْ) وفي رواية: (ليس منا من حلق وخرق وسلق) هذا المقصود به الذي يحلق شعره أو التي تحلق شعرها عند المصيبة، وسلق: أي: يصرخ نياحة، وخرق: قطع ثيابه، فهو جاء بحديث صحيح:(ليس منا من حَلَقْ) فنقول: الحديث صحيح، لكن ما وجهه؟ وما معناه؟ وكيف فهمه العلماء؟ وفي أي مناسبة جاء الحديث؟ ثم من أراد أن يبدأ في حوار فلا يبدأ بالأدلة الضعيفة، بل يأتي بالأدلة القوية؛ لأنك إذا أتيت بالأدلة المحتملة يصير النقاش في الاحتمالات، والشخص الآخر يورد عليك إيرادات قد تكون صحيحة، ويضيع الوقت فيها، هات الأدلة الأقوى أولاً، وهذه مسألة يغفل عنها بعض طلبة العلم أثناء النقاشات، يأتي بالدليل الأضعف، مع أن الحكمة تقتضي أن يأتي بالدليل الأقوى أولاً.
ثم بعضهم إذا أراد أن يناقش فلا تخرج من نقاشه إلا بتكراره للدعوى التي يقولها دون أدلة، يرجع ويكرر الدعوى بدون دليل، تريد دليلاً فلا تجد دليلاً، ما عنده إلا التكرار وترديد أصل الدعوى، ثم يجب احترام أدلة الطرف الآخر إذا كانت صحيحة ووجيهة، ولا يقول كما يقول بعض المتعصبين للمذاهب: هذا الدليل ساقط لأن إمامي لم يقل به، ولو كان صحيحاً لعرفه وقال به، فكونه ما قال به لا يعني أنه ليس بصحيح وهذا خطأ من الأخطاء.