الآن عرفنا إذا استأذن ثلاثاً فلم يؤذن له يرجع، لكن هل يجوز الزيادة على الثلاث؟ منع من ذلك جمهور العلماء؛ لأن ظاهر الحديث الاكتفاء بالثلاث والزيادة عن الثلاث إزعاج، يعني يمكن تقول: ما سمع من أول مرة، كان ساهياً أو لاهياً، نستأذن إذن مرة ثانية، وهكذا، فقد يكون سمع، ولو كان يريد أن يأذن لأذن، وقال ابن عبد البر رحمه الله: السنة في الاستئذان ثلاث مرات لا يزاد عليها.
وبعض العلماء قال: يجوز الزيادة إذا لم يكن فيها إزعاج وإحراج لصاحب البيت، أي لو أن إنساناً مثلاً خاصم شخصاً أو بينه وبينه خصومة، فأراد أن يتصالحا فذهب إلى مكانه، وأراد من الزيادة على ثلاث استرضاء الشخص الذي بينه وبينه خصومة، فلم يقصد بالزيادة على الثلاث الإحراج أو الإزعاج، قصد أن يسترضيه ويلح عليه ويقبل منه الدخول، ويقبل منه الاعتذار، فلا بأس فلها معنى ولها وجه.
وقد جاء في حديث قيس بن سعد بن عبادة قال:(زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله، قال: فرد سعد رداً خفيفاً يعني: أباه قلت: ألا تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذره يكثر علينا السلام، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد سعد رداً خفيفاً، ثم قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبعه سعد فقال: يا رسول الله! إني كنت أسمع تسليمك وأرد رداً خفيفاً لتكثر علينا من السلام، فانصرف معه صلى الله عليه وسلم) رواه أبو داود في الاستئذان، باب كم مرة يسلم الرجل.
فالنبي عليه الصلاة والسلام اكتفى بالثلاث ورجع، قالها في قوله وعملها بفعله صلى الله عليه وسلم، وإذا تحقق المستأذن أن أهل البيت سمعوه لزمه الانصراف بعد الثلاث؛ لأنهم لما سمعوه ولم يأذنوا دل ذلك على أنهم لا يريدون الإذن، وعدم الزيادة على الثلاث ثابت في السنة.