الزيارة في الله: فوائدها متعددة وكثيرةٌ وجمة، فمن فوائد الزيارة في الله: تفقد حال الإخوان وإصلاحه؛ إصلاح الحال وسد الخلل، فقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال:(آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء) والحقيقة أن هذين الصحابيين أخوتهما عظيمة، وقد استمرت استمراراً عظيماً (فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلةً فقال لها: ما شأنك؟) جاء في بعض الأحاديث أن الزيارة كانت قبل نزول آية الحجاب، فلا بد له أن يفهم لفهم تلك الأحاديث (فرأى أم الدرداء متبذلةً) ليس عندها زينة ولا تعتني بها (فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليست له حاجةٌ في الدنيا) أي: أنه مقبل على العبادة وتارك للدنيا، ومن ضمن الدنيا شهوة النساء، فهو تارك كأنه لا يريد النساء (فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل؟) المضيف أبو الدرداء يقول لـ سلمان: كل؟ (قال: فإني صائم) أبو الدرداء يقول: كل أنت؛ أما أنا فصائم (قال: ما آنا بآكلٍ حتى تأكل) ولأن صيامه نافلة (قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنامَ، ثم ذهب يقوم، فقال: نم - سلمان يقول لـ أبي الدرداء: نم- فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليّا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حقٍ حقه، فأتى أبو الدرداء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان) وفي الرواية قال: (فزار سلمان أبا الدرداء).
فهذه الزيارة من سلمان لـ أبي الدرداء، كم عادت بالنفع على أبي الدرداء وبيته؟ من جهة التوازن وإصلاح ما بينه وبين أهله، وما حصل من المصلحة العظيمة لـ أم الدرداء بعودة زوجها للاهتمام بها، وما حصل لجسد أبي الدرداء من المصلحة، وما حصل من منع الإملال في العبادة، حصلت أشياء كثيرة جداً، تغيرات في بيت أبي الدرداء؛ بسبب زيارة سلمان له، فالزيارة إذاً تتيح للأخ التعرف على حال أخيه على بيته على أحواله، فقد يكون عنده خلل أو نقص، فيسدده ويصلح من حاله وشأنه، وهذه فائدة عظيمة للزيارة.
وستأتي أمثلة أخرى فيها تبيان ما في الزيارة من الفوائد من تحصيل العلم ونحو ذلك.