[من آداب البشارة وأحكامها]
كذلك من آداب البشارة الشرعية أن الإنسان إذا بشر بشيء يسره يخر ساجداً لله, وهو سجود الشكر, كما روى أبو داود في كتاب الجهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خرّ ساجداً شاكراً لله) فالشاهد من الحديث قوله: أو بشر به خر ساجداً شاكراً لله.
إذاً: من آداب المبشر أنه يسجد شاكراً لله, وأنه يعطي من بشره.
كذلك المرأة إذا جاء من يخطبها من أهل الصلاح فإنه يقال لها: أبشري, كما جاء عند أبي داود والحديث صحيح أن زينب لما انقضت عدتها أرسل النبي عليه الصلاة والسلام زيداً ليذكره عندها, فقال زيد: (يا زينب أبشري أرسلني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك).
وكذلك من الأحكام الشرعية المتعلقة بلفظة البشارة: أن المرأة التي توفي عنها زوجها لا يجوز أن تخطب في العدة إلا تعريضاً, ولا تخطب تصريحاً بل تلميحاً, ومن الكلمات التي أوردها العلماء في التلميح للمرأة إذا مات زوجها وهي في العدة لمن أراد أن يخطبها أن يقال لها: أبشري, كما جاء في صحيح البخاري في كتاب النكاح, عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة:٢٣٥] قال: يقول: إني أريد التزوج، ولوددت أنه تيسر لي امرأة صالحة, وقال القاسم: يقول: إنك علي كريمة، وإني فيك لراغب, وإن الله لسائق إليك خيراً أو نحو هذا, وقال عطاء: يعرِّض ولا يبوح، يقول: إن لي حاجة وأبشري وأنت بحمد الله نافقة, وتقول هي: قد أسمع ما تقول، ولا تعد شيئاً ولا يواعد وليها إلخ.
إذاً: كلمة أبشري من الكلمات التي يجوز لمن يخطب امرأة في عدة الوفاة أن يقولها فتكون من التلميح لا من التصريح, وبعض الفقهاء قال: عبارة: لا تسبقيني بنفسك, يجوز أن يقولها لها، ومن الطرائق قالوا: إن رجلاً مات فخرجت امرأته -طبعاً المرأة لا تتبع الجنازة- في جنازة، فاقترب منها رجل فقال لها: لا تسبقيني بنفسك, فقالت: قد سبقت, أي: في واحد جاء قبلك وخطب.
فهذا بعض ما يتعلق بآداب البشارة، وهي من الأخلاق الإسلامية الجميلة التي ينبغي المحافظة عليها ونشرها وإشاعتها في مجتمع المسلمين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يبشرون عند موتهم بجنات النعيم، وأن يختم أعمالنا بالصالحات, والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.