ماذا بالنسبة لموضوع الرسول الذي يرسل من شخصٍ إلى آخر، واحد أرسل خادمه إلى شخصٍ يقول: فلان يدعوك، هل هذا الخادم يغني عن الاستئذان؟ يقول البخاري رحمه الله في صحيحه: باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن، وساق حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(هو إذنه) وجاء في حديث أبي هريرة أنه قال: ادع أهل الصفة قال: فجاءوا فاستأذنوا، فإذاً كيف نجمع بين الحديثين، قال: ابن القيم رحمه الله: إن جاء الداعي على الفور من غير تراخٍ لم يحتج إلى استئذان، وإن تراخ في المجيء عن الدعوة وطال الوقت احتاج إلى استئذان، فلو إنك قلت لشخص: ادع لي فلاناً فذهب وكلمه، فجاء هذا مباشرةً، يدخل عليك مباشرة ولو بغير استئذان، لكن لو دعاه فجاء بعد فترة من الزمن فيحتاج إلى استئذان، وقيل: إذا حضر مع الرسول فلا يستأذن، وإن تأخر عن الرسول لزمه الاستئذان، فـ أبو هريرة ما كان معهم، ولذلك لما جاءوا استأذنوا، وأما قوله: رسول الرجل إلى الرجل إذنه فذلك إن جاء معه، ولذلك جاء في رواية (إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذنٌ) رواه أبو داود، وصححه الألباني.
ففي هذا دلالة على أن الدعاء إلى الوليمة إذنٌ بالدخول والأكل، وهذه مسألة واسعة تختلف فيها الأعراف، يعني مثلاً: بعض الناس يقول: الليلة العشاء عندي، يأتي الناس يجدون باب البيت مفتوحاً، ما معنى فتح باب البيت؟ معناه الإذن فلا يحتاج إلى قرع باب ولا استئذان، تدخل مباشرة إلى المجلس، هذه واضحة من أعراف الناس، وإبراهيم عليه السلام كان بابه مفتوحاً للضيوف، ولذلك قال الله تعالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}[الذاريات:٢٤ - ٢٥] دخلوا عليه معناه: أن بيته مفتوح للضيوف، وقد اشتهر بذلك عليه السلام.