للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لا يتناجى اثنان دون الثالث]

وكذلك من آداب الحديث: ألا يتناجى اثنان دون الثالث، وهذا معلوم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس؛ فإن ذلك يحزنه) فالعلة: حتى لا يحزن؛ لأنه قد يظن أنه دون مستوى الكلام، ومعناها احتقاره بطريقة غير مباشرة، أو أن يظن أنكما تتآمران عليه، فاختص الكلام بينكما وتركتماه، فكأنكما تدبران شيئاً ضده، ولأجل ذلك قال: (فإن ذلك يحزنه) فهذا التناجي -إذاً- من الشيطان {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة:١٠].

حسناً لو كان في المجلس عشرة فتناجى تسعة دون العاشر أفيكون هذا التناجي محرماً؟ نعم؛ لأنه أشد من تناجي الاثنان دون الثالث.

ولو أن هناك ثلاثة في المجلس فتكلم الأول والثاني بلغة لا يتقنها الثالث ولا يعرفها، كأن يكون الثالث لا يحسن الكلام بالإنجليزية، فتكلم الأول والثاني بالإنجليزية بصوت مرتفع فيعتبر هذا تناجياً؛ لأن المفسدة قد حصلت؛ لأنه يجهل اللسان الذي تتحدثان به.

ولو صار في المجلس أربعة فتكلم اثنان سراً بينهما، والثالث والرابع صامتين بعيداً عنهما فلا يعتبر هذا تناجياً؛ لأنه يمكن أن يأنس بصاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>