وكذلك من آداب الطعام ألا يخلط -إذا أكل بطيخاً- يخلط القشر باللب، والأشياء التي تقشر كثيراً لا يخلط القشر ببقية الفاكهة، وكذلك لا يلقي بالقشور بعيداً؛ فربما نالت أحداً أو صدمته أو تقاطر منها شيءٌ من القشرة المرمية على الآخرين، فلا يلقي بها على المائدة.
وكذلك ذكرنا عدم خلط النوى بالتمر، وكذلك كل ما كان مثل التمر، كالبرقوق مثلاً لا يخلط النوى بالثمرة، لا يخلط ما أكل بما لم يأكل، طبعاً أنتم ترون الآن -أيها الإخوة- أن هذه الأشياء فيها دقة بالغة، ولا شك أن بعض الناس يقولون: هل في الشريعة ذوق؟ مثل هذه الأشياء ربما كان بعض الناس لا يتصورون أن هذه تكلم عنها العلماء، لكنهم تكلموا عنها وذكروها وفصلوا فيها تفصيلاً عجيباً، كل الأشياء التي تخطر ببال الإنسان من القضايا المتعلقة بالذوق والأدب والنظافة، والبعد عن القرف والتقزز والقنافة وما يكرهه الآخرون كلها مذكورة ومكتوبة، مما يدل على الأدب في هذه الشريعة وأن العلماء فهموا ذلك ودونوه، وكانوا يلاحظون من الواقع الأشياء التي تنافي الأدب أو التي هي من الأدب فينصون عليها، ولو ما وردت فيها الأحاديث لكنهم ذكروها.
وقلنا: إنه لا يتصرف بالطعام في غير الأكل إذا كان ليس هو صاحب الطعام، ولذلك قالوا: لا يطعم الهر والقط وغيره إلا إذا أذن صاحب البيت.