وبالنسبة لقضية عدم عيب الطعام، فسبق ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه، من جهة أن الطعام مباح لكن هو لا يشتهيه، إذا كان حراماً هذا لابد أن يعاب، لو قدموا له خنزيراً أو ميتاً أو شيئاً محرماً فإنه يعيبه ولا شك، لكن إذا قدموا له شيئاً لا يشتهيه فإنه لا يعيبه، وقد تكون طريقة طهي الطعام فيها شيء مثلاً فمن السنة أن لا يعيبه، وذلك لأسباب: أن في عيبه لكسر قلب صاحبه؛ لأنه محسن وجاء بالطعام، قد تكون هذه قدرته وهذه استطاعته، وكذلك فإن عيب الطعام من العلل التي فيها لكسر قلب الصانع له، أنه ينمي عن التكبر -الكبر- والترفع والرعونة وسوء الطبع، وقد ذكر بعض أهل العلم: أن من عيب الطعام، أن يقول: حامض مالح ما في ملح، ونحو ذلك من الألفاظ التي يستعملها بعض الناس.
فالعيب قد يكون من جهة الخلقة، وقد يكون من جهة الصنعة، قد يعيب شكل الطعام هذا، أو يعيب صنعته، ولا شك أن الأول أشد إذا عاب شكل الطعام، وإذا كان يعود إلى الصنعة: كأن يقول: حامض، مالح قليل الملح، غليظ، رقيق غير ناضج، ونحو ذلك فهذا تجنبه من حسن الأدب.