ومن آداب حضور المسجد: أن يذهب ماشياً، وأبعد الناس منزلاً أعظمهم أجراً، والسنة مقاربة الخطا وعدم المباعدة بين الخطوات، مقاربة الخطا لتكثر حسنات الماشي، قال عليه الصلاة والسلام:(ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) رواه مسلم.
وقال:(إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى)، ففي هذه الأحاديث دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد لحصول كثرة الخطا، وكثرتها تكون ببعد الدار، وتكون بكثرة التردد إلى المسجد.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:(كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه الصلاة، فقيل له: أو قلت له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله) رواه مسلم.
إذاً: الأجر ليس بالمجيء إلى المسجد فقط، بل حتى تعود إلى البيت أيضاً، فبالأولى تمحو خطيئة، والأخرى ترفع حسنة، كما جاء في صحيح مسلم في المشي إلى بيتٍ من بيوت الله، لصلاة الفريضة من فرائض الله (بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة) والأجر لهم إن شاء الله حتى بعد اختراع الكهرباء وإنارة الشوارع في الليل؛ لأن الأصل أن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل تصليان.
والإتيان إلى المسجد فيه فوائد صحية، ولا بد أن يحتسب الإنسان الأجر قبل الفوائد الصحية، ولكن يظهر أثر هذا على من كان يمشي، فهذا شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، يمشي يومياً كما أخبرني الشيخ عبد الله بن جبرين عنه، يقول: يمشي يومياً ثمانية كيلو متر يعني من بيته إلى المسجد، قال الشيخ عبد الله بن جبرين: ولذلك صحته جيدة، فعدونا مرة معه في المسعى بين العلمين الأخضرين، فسبقنا جميعاً وهو في السبعين من عمره! أي: يتضح فيه بجلاء قضية أثر المشي إلى المسجد.