أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بقوله:(فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع) وجاء في الرواية الأخرى: (فليضع يده على فيه).
إذاً: وضع اليد على الفم جاء هذا في حديث مسلم: (إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه) أما بالنسبة لقوله عليه الصلاة والسلام: (التثاؤب من الشيطان) أي: أن الشيطان يحب التثاؤب، وهو مبعث التثاؤب، وكل فعلٍ مكروه ينسبه الشرع إلى الشيطان؛ لأنه واسطته، والتثاؤب من امتلاء البطن، وينشأ عنه التكاسل، وذلك بواسطة الشيطان، وأضيف التثاؤب إلى الشيطان -كما يقول النووي رحمه الله- لأنه يدعو إلى الشهوات، إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه، والمراد: التحذير من السبب الذي يتولد منه التثاؤب وهو التوسع في الأكل.
أما قوله صلى الله عليه وسلم:(إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع) هل المقصود: إذا تثاءب يرده بعد انتهاء التثاؤب؟
الجواب
لا.
هذا أسلوب تستعمله العرب، إذا تثاءب أحدكم، أي: إذا شرع فيه، إذا بدأ فيه (فليرده ما استطاع) يأخذ في أسباب رده، وقيل: إن المقصود إذا تثاءب أي: إذا أراد أن يتثاءب، مثل:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}[النحل:٩٨] أي: إذا أردت قراءة القرآن، إذا أردت أن تشرع فيها، وقوله صلى الله عليه وسلم:(فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان)، وفي رواية:(فإذا قال: آه)، وفي رواية:(فإذا قال: ها -مرة بتقديم الهاء ومرة بتأخيرها- ضحك منه الشيطان)، وفي رواية:(فإن الشيطان يدخل) يدخل مع التثاؤب، وورد في رواية ضعيفة لـ ابن ماجة:(فليضع يده على فيه ولا يعوي، فإن الشيطان يضحك منه) أي: شبَّه الصوت بعواء الكلب، ولكن هذه الرواية لم تثبت.