من الأشياء التي تضاف إلى قضية عدم الإكثار من الطعام أو من آداب الأكل أن لا يكون نهماً في أكله:
ولا تكن نهماً في الأكل واقتصد وانفي عن العرض وصف الجوع والبخل
إن الرغيب مشئومٌ في الأنام فكن زهيد أكل ترى في الناس ذا نحلِ
فالتوسط في كل شيء حسن، والله يقول:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}[الفرقان:٦٧] فالإنسان يتوسط في أكله فلا يقصر فيه حتى ينسب إلى التحشم، ولا يبالغ فيه حتى ينسب إلى الشره.
ومما ذكروه أيضاً: أنه إذا قدم له طعامٌ فإنه لا يطعم منه غيره ولو كان قطاً إلا بإذن صاحب الطعام لأنه هو مالكه.
ومن آداب الأكل التي ذكروها: أنه ينبغي للآكل حال أكله أن لا يديم النظر إلى جليسه؛ لأن ذلك يخجله فيترك الطعام قبل أن يشبع.
وينبغي كذلك: ألا يقضم الخبز في فمه ثم يضعه في الطعام، فبعض الناس إذا أراد أن يغمس شيئاً بالخبز قضم الخبز بأسنانه ثم وضعه في الأكل، وهذا يورث أن تعاف النفوس الأخرى -نفوس الجالسين- الأكل فقد يلتصق بها من بصاقه أو يكون في فمه شيءٌ من البخر، والرائحة الكريهة، فيكره له ذلك، وهذا النوع يسمونه المهندس؛ لأنه يهندس اللقمة ثم يضعها في الطعام، كما سماها صاحب كتاب: عجائب الأكل، أو الآكل المهندس الذي يقضمها بأسنانه قبل أن يدخلها في الإناء وإن هذا مما يسبب التقزز والنفور فلا يفعل ذلك.