للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر التوديع للآخرين]

كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع الجيش قال: (أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم) ومرة ودع صحابياً فقال: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك).

والله عز وجل إذا استودع شيئاً حفظه {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٦٤].

(استودع الله دينك) الدين أهم شيء، فاجعل دينك وديعة عند الله يحفظه لك من التعرض للنقصان، أو التعرض لمعاصي الله عز وجل.

(وأمانتك) من الأهل والأموال الذين خلفهم المسافر وراءه، وتأمل في قوله: (استودع دينك) عند السفر، وذلك لأنه عُهد أن المسافرين في كثير من الأحيان يتعرض دينهم لنقصان عند السفر، ولذلك كان استيداع الدين عند الله تنبيهاً للمسافر، يا فلان! يا أيها المسافر! يا عبد الله! لا تنقص دينك عند السفر.

(استودع الله دينك وأمانتك) اجعل أهلك ومالك وديعة عند الله يحفظهم لك؛ حتى إذا رجعت من سفرك وجدتهم بخير حال كما فارقتهم أو أحسن.

وقال مجاهد: خرجت إلى العراق أنا ورجل معي، فشيعنا عبد الله بن عمر فلما أراد أن يفارقنا قال: إنه ليس معي ما أعطيكما، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا استودع الله شيئاً حفظه، وإني أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتيم عملكما).

وورد أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا ودّع يقول: (استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه) أي: أجعلك عند الله وديعةً، فهو الذي لا تضيع ودائعه سبحانه وتعالى، والبشر إذا استودعوا شيئاً ربما حفظوه وربما ضيعوه، والله عز وجل إذا استودع شيئاً؛ فإنه يحفظه سبحانه وتعالى.

وهاتان الصيغتان كلٌ منهما سنة عند توديع المسافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>