وأما إذا كان التقبيل لأجل التبرك، فهذا يكون أشد وأشد، ولاشك أن تقبيل القبور والأعتاب والأحجار والأشجار من شعار المشركين في كل زمان ومكان، ولذلك أكد عمر رضي الله عنه ورحمه على هذه المسألة، فقال عندما قبل الحجر الأسود:[والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك] رواه البخاري.
فكيف بمن يتبرك بحمار الشيخ، يقول: هذا الحمار الذي ركبه الشيخ، فيمسحون حمار الشيخ، وربما قبلوه، وتكلمنا عن مسألة التقبيل لشهوة، وأن ذلك لا يجوز إلا إذا كان لزوجته أو سريته.
وبالنسبة للتقبيل للشهوة فإنه لا يجوز للإنسان أن يقبل أحداً إلا زوجته أو أمته، أما المرأة الأجنبية فلا شك أنه حرام، وكذلك الصبية الصغيرة والأمرد، كله حرام ولا يجوز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لأن يطعن أحدكم في رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني، وهو حديث صحيح.
وكلما خشي أن يثير شهوته، مثل: تقبيل يد الأمرد الحسن، أو الصبية الصغيرة الحسنة التي قاربت البلوغ، فحرام لاشك في ذلك، والفتنة بالمردان أمر معروف، وهو عند الصوفية دين يتخذونه ويتقربون إلى الله بذلك، ولو قال: لا تثور شهوتي، فإنه لا يأمن عليه، والله قال:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}[الإسراء:٣٢] ولم يقل: لا تفعلوا الزنا، فحتى اقتراب الشيء الذي يكون سبباً للوقوع في المعصية لا يفعله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(العين تزني وزناها البصر، واليد تزني وزناها اللمس، والفم يزني وزناه التقبيل) إذاً: زنا الفم أن يقبل بالحرام.
وبالنسبة لتقبيل الإنسان يده بعد تقبيل الحجر الأسود، فذلك ثابت في السنة، وتقبيل المحجن أو العصا إذا استلم بها الحجر الأسود إذا لم يستطع أن يقبله بنفسه.