أما بالنسبة للسؤال عنه فإنه لا يدخل في قضية العيب: إذا حضر إنسان على طعام، فالسؤال على نوعين: إما أن يسأل هذا مذبوح أو لا؟ فقلنا: إذا كان مسلماً ثقةً لا يسأله، يأكل فقط، أما إذا كان إنساناً متساهلاً مفرطاً غير متحرٍ للحلال لا يتورع عن الشبهات هذا يتأكد منه الآكل.
لكن هناك سؤالٌ ليس به عيب، وهو أن يسأل ما هذا الطعام، أي وضعوا بين يديك طعاماً لا تدري ما هو!! قد يكون فيه شيء أنت لا تريده ولا تحبه ففي هذه الحالة لا بأس أن تسأل، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن ذلك، فيسأل للاطمئنان، والدليل على ذلك ما رواه البخاري عن خالد بن الوليد، أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة: وهي خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضباً محنوذاً -ضباً مشوياً- قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد.
معناه: أن الضب لا يعيش في مكة، ولا الحجاز، ويكون في نجد:(فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قل ما يمد يده لطعام حتى يحدث به ويسمى له -هذا هو الشاهد ما يسأل هذا حلال أو حرام، لا، بل يسأل ما هو هذا؟ - وأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الضب، فقالت امرأةٌ من النسوة الحضور: أخبرنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما قدم له هو الضب، فقلت: يا رسول الله هو الضب، فرفع رسول صلى الله عليه وسلم يده عن الضب، فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا.
ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته وأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلي).
فمن أراد بالسؤال أن يعرف هل هذا النوع مما هو يشتهيه أو مما يكرهه فلا بأس أن يعرف ما هو هذا، يسأل عن نوع الطعام أو من أي شيء صنع ونحو ذلك، ولأن بعض الأطعمة من طريقة الطهي لا تعرف وتتغير ملامحها، هذا الضب مشوي بطريقة لم يظهر فيها، ولذلك ما تميز له إلا بعد أن قالوا له هو ضب.
بالنسبة لوعظ من يسيء الأكل فقد تقدم حديث عمر بن أبي سلمة الذي يدل على مشروعية وعظ من يسيء الأكل.