للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من آداب المسجد: عدم مضايقة المصلين بالمزاحمة]

ومن آداب المساجد ألا يضايق الإنسان المصلي، وهذا يحدث عند عدد من الشباب الحريصين على الخير، يريد أن ينافس على الصف الأول فيتقدم إلى فرجة لا تتسع لعصفور، فيزحم الصف ثم يكون من بجواره أكتافه أمامه، وقد يكون شيخاً فيتأذى، وهذا من إيذاء المسلمين، وإيذاء المسلمين بغير ما اكتسبوا حرام.

وقد يسبب خلل في تسوية الصف؛ لأنه لم يستوِ المنكب بالمنكب، وكيف يستوي المنكب بالمنكب وهو قد فرض نفسه في المكان الضيق، وأي أجر سيرجى له ولو كان صادقاً لجاء مبكراً؟ أما أن يأتي متأخراً ويريد أن يقحم نفسه في الصف الأول إقحاماً، وأن يتعسف في ذلك، ويدخل في هذا الضيق ويؤذي المصلين الذين بجانبيه، فهذا لا يجوز، والأصل -كما قلنا- إن الناس إذا جاءوا للمسجد يصفون في الصف الأول، ولو قبل الإقامة بنصف ساعة، أو بساعة، ولو في الجمعة، فعليهم أن يصفوا في الصف الأول فالأول، ثم من الأدب ألا يمر بين يدي المصلي وهذا معروف.

وهناك آداب تكون يوم الجمعة، يكون موضعها في آداب الجمعة، وإن كانت تشترك مع غيرها من الصلوات في باب سد الفرج وخصوصاً عند إقامة الصلاة، فإن أناساً يأتون من مكان بعيد من اليمين أو الشمال ويدخلون في الفرجة بحيث لا يدعون مجالاً للشخص الذي في الخلف مباشرة لسده، إذا كان الذي في الخلف لم يتقدم، وكان متكاسلاً والفرجة موجودة وهو جالس ينتظر، يتقدم غيره، وهو الذي فوت على نفسه، لكنه تقدم، فجاء رجل من خلفه يريد أن يسابقه ويدخل عليه، فلا شك أن هذا فيه إثارة للشحناء، ومسألة إثارة الشحناء والبغضاء يجب أن تراعى وألا تكون في المسجد، ولذلك تكلموا في بحث طويل: لو تنافس اثنان على فرجة، فليتركها له أو لا، ومن أجل تلافي الشحناء والبغضاء قد يكون أجره أكثر من أن يسبقه هو، فينبغي مراعاة هذه المفسدة، وفي المقابل ينبغي مراعاة عدم التكاسل في التقدم لسد الفرج.

إذا كان يوجد كلام في مكتبة داخل المسجد غير الذكر؟ نقول: إذا كانت المكتبة من المسجد فحكمها حكم المسجد، ليس فيها كلام، أما إذا كانت المكتبة بابها إلى الخارج، وليس لها باب إلى المسجد وقد يكون لها أحكام مختلفة، لكن المكتبة داخل حدود المسجد وبابها مفتوح إلى المسجد، ليس للخارج حكمها حكم المسجد.

نكتفي بهذا، ونكون قد أنهينا الدرس، وصلى الله على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>