[الأدلة الواردة في مشروعية التقبيل في كتاب محمد بن إبراهيم المقرئ]
نريد أن نكمل موضوعاً آخر أيضاً وهو ما يتعلق بالتقبيل، فإنه قد كان الكلام في جلسة ماضية عن آداب المصافحة والمعانقة والتقبيل، فتقدم الكلام عن المصافحة، وأظن من الآداب التي فات ذكرها: ألا ينزع يده حتى ينزع الشخص الآخر يده، لكن ذكر شيخ الإسلام كلاماً أنه إذا كان ذلك المقام يطول، بحيث أن هذا لم ينزع يده والآخر مثله، سيبقى الجميع واقفون إلى متى؟ لذلك لو أن البادئ بمد اليد هو الذي يسحب يده أولاً في إنهاء هذه القضية فلا حرج في ذلك.
فأما بالنسبة للتقبيل، فهناك كتاب بعنوان: الرخصة في تقبيل اليد، من تصنيف الحافظ أبي بكر محمد بن إبراهيم المقرئ، ذكر فيه أحاديث ونصوصاً في مسألة التقبيل، بالإضافة لما سبق ذكره سابقاً، وقد أورد حديث أسامة بن شريك، قال: (قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده).
قال ابن حجر رحمه الله: سنده قوي.
وكذلك أورد فيه من الأحاديث -أيضاً- حديث أم ولد أنس بن مالك قالت: كان ثابت إذا أتى أنساً قال: [يا جارية! هاتِ طيباً أمسه بيدي، فإن ثابتاً إذا جاء لم يرض حتى يقبل يدي] وهو حديث صحيح، فإن ثابتاً كان يقبل يد أنس بن مالك؛ لأن يد أنس بن مالك مست يد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك من الأحاديث التي ذكرها، حديث سلمة بن الأكوع، قال: [بايعت بيدي هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم].
وقال الراوي عبد الرحمن بن رزين: قبلناها ولم ينكر ذلك.
وقال ابن حجر رحمه الله: إسناده جيد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
وكذلك أورد حديثاً قد رواه البخاري في الأدب المفرد، وهو عن ذكوان أن رجلاً قال له صهيب: [رأيت علياً رضي الله عنه يقبل يدي العباس أو رجله، ويقول: أي عم! ارض عني].
وكذلك أورد أثر موسى بن داود قال: [كنت عند سفيان بن عيينة، فجاء الحسن الجعفي، فقام ابن عيينة فقبل يده] وهذا صحيح إليه.
وكذلك أثر ثابت قال: قلت لـ أنس بن مالك: [أحب أن أقبل ما رأيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمكنه من عينيه].
وقال ثابت: [كنت إذا أتيت أنساً أخبر بمكانه، فأدخل عليه فآخذ بيديه فأقبلهما، فأقول: بأبي هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عينيه، وأقول: بأبي هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم].
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أبي بكر المقدمي وهو ثقة.
وكذلك أتى من حديث ابن جدعان قال: سمعت ثابتاً يقول لـ أنس: [مسست رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديك؟ قال: نعم، قال: فأعطني يدك، فأعطاه فقبلها]، والأثر فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، لكن يشهد له آثار وطرق أخرى في هذا، فيكون حسناً.
وكذلك جاء من حديث أم أبان بنت الوازع بن الزارع (أن جدها الزارع انطلق في وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملكنا أنفسنا أن وثبنا عن رواحلنا، وجعلنا نقبل يديه ورجليه) والحديث حسنه ابن عبد البر رحمه الله تعالى.