قال المؤلف:(ويجلس ويسلم ولا يتشهد) يجلس وجوباً لكنه جلوس لا ذكر فيه -بعد الرفع من سجدة التلاوة- إلا شيئاً واحداً هو السلام مرةً عن يمينه ولهذا قال:(يسلم ولا يتشهد) فصار السجود فيه تكبيرٌ قبله وتكبيرٌ بعده، وجلوسٌ وتسليم، وليس فيه تشهد؛ لأن التشهد إنما ورد في الصلاة، ولكن السنة تدل على أنه ليس فيه تكبيرٌ عند الرفع ولا سلام، إلا إذا كان في صلاة -فهذا كلام موجود في كتب الفقه- قضية التكبير عند الرفع وترك السلام، لكن لم يرد في السنة تكبيرٌ عند الرفع ولا السلام، إلا إذا كان في صلاة، فإنه يجب أن يكبر إذا سجد ويكبر إذا رفع، لأنه إذا كان في صلاة ثبت لها أحكام الصلاة قولاً واحداً، وذكرنا حديثاً (كان يكبر عند كل خفضٍ ورفع).
وقد اختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا تحريم لسجود التلاوة -أي: لا يوجد لها تكبيرة إحرام- ولا سلام، وهو مذهب الحنفية والمالكية، غير أن ابن تيمية يرى أنه يكبر لسجود التلاوة تكبيرة واحدة فقط.
واختار شيخ الإسلام أنه يجوز سجود التلاوة بغير طهارة، لكن يقيد الجواز بوجود العذر الداعي إليه، وهو ظاهر قوله، لكن بشروطٍ أفضل -أي: سجدة التلاوة- ولا ينبغي أن يُخل بها إلا لعذر، وعلى هذا فاختياره عدم الوضوء لسجود التلاوة ليس على إطلاقه، وجاء في حديث عكرمة عن ابن عباس:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والأنس) والحديث ترجم له البخاري باب: سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء، و [كان ابن عمر رضي الله عنه يسجد وهو على غير وضوء].
وقال ابن حجر: الجمع بين رواية أنه سجد على طهارة وبين ما فعله بأنه أراد بقوله: "طاهر أي: الطهارة الكبرى، والثاني: أنه سجد على غير طهارة في حال الضرورة، أما في حال الاختيار فإنه يتوضأ.
إذاً: قول جمهور العلماء أنه يتوضأ لسجود التلاوة، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الوضوء عند العذر حيث أنه لما سمعَ السجدة كان غير متوضئ فسجد، ولم يرد في السنة في غير الصلاة، التكبيرة الثانية والتسليم، وإنما ورد أنه يكبر للسجود ويرفع فقط.