الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فحديثنا في هذه الليلة أيها الإخوة عن أدب آخر من الآداب الشرعية ألا وهو "آداب الصحبة".
وآداب الصحبة كثيرة, والصحبة ولا شك من الأمور المهمة للغاية, فإن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا بد أن يكون له إخوان وأصحاب و (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
والله سبحانه وتعالى قد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه خيراً فقال الله عز وجل:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[آل عمران:١٥٩] وقال سبحانه: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال:٦٣] وإذا كان الإنسان على دين خليله فلا بد أن يكون لهذا الخليل صفات تجعل مصاحبته في مرضاة الله سبحانه وتعالى, والصاحب يؤثر في صاحبه ولا شك، وقد أوصى أهل العلم بوصايا فقال أحدهم:
لا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ماشاه
وللشيء من الشيء مقاييس وأشباه
وللقلب من القلب دليل حين يلقاه
ولا شك أن الاعتناء بآداب الصحبة يربط الإخوان ببعضهم البعض, ويجعل المسلمين جسداً واحداً كما يريد الله سبحانه وتعالى، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وإذا اعتنى الإنسان بإخوانه فصفت العشرة ودامت المودة، وأصبح المؤمنون كالجسد الواحد؛ كان ذلك بناء عظيماً للمجتمع الإسلامي، وسداً منيعاً في وجه الشرّ وأهل الكفر.