للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من آداب المسجد: عدم حجز مكان فيه]

ومن آداب المسجد ألا يحتجر فيه مكاناً، فقد اعتاد بعض الناس أن يحجز مكاناً؛ لفرش سجادة أو وضع عصاً ونحوها وهو في منزله أو في عمله، وهذا الظاهرة تكثر في الحرم في رمضان وفي غيره، يفرشون سجاجيد ولا يكتفون بحجز مكان لأنفسهم؛ بل يحجز مكاناً لنفسه وأقاربه وأصدقائه وربما حجز بعضهم أماكن للمال في أماكن معينة في الحرم، فإذا جئت تجلس تدفع خمسين ريالاً لتجلس، يقوم بذلك أناس معروفون تجدهم جالسين، يأتي إلى الحرم مبكراً ويحجز مكاناً ثم يستلم خمسين ريالاً، وهي بحسب المواسم، إذا كان في ليلة سبع وعشرين تبدأ التسعيرة ترتفع، وهذا يفعله بعض من لا خلاق له في الدنيا والآخرة.

والمصلي مأمور بالتقدم إلى المسجد والقرب من الإمام بنفسه لا بعصاه وسجادته، مأمور بأن يقترب من الإمام بنفسه، ثم إن العمل هذا لا شك أنه فيه ظلم من عدة جهات: ١ - الناس في بيوت الله سواء، فما هو حق هذا الشخص الذي يتقدم على غيره.

٢ - قد يؤدي إلى تعطيل مكان في المسجد لا يصلي فيه إلا مثل البعير، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا.

٣ - ربما يكون من أسبابه أن تتحول العبادة إلى عادة، نفس المكان نفس المكان نفس المكان، ربما تتحول إلى عادة، وفيه مشابهة للبعير، وقد نهينا عن مشابهة البهائم والدواب.

٤ - يؤدي إلى شيء من الشهرة والرياء والسمعة.

٥ - بعض الناس يؤدي حجزه هذا إلى التساهل بالصلاة لأنه يعرف أن مكانه محجوز، ويتراخى عن الاستعداد والحضور.

٦ - يؤدي إلى تخطي رقاب الناس بغير حق وهذا إثم آخر.

٧ - فيه ترفع على الآخرين، وإحساساً بالفارق.

٨ - فيه الاعتداء على حقهم في التقدم، فأخذه منهم وسلبهم حق لهم.

٩ - أنه يسبب الشحناء والبغضاء، وكم من أناس حاولوا أن يرفعوا بعض المفارش وصارت خصومات بينهم.

١٠ - قد يؤدي أيضاً إلى عدم تسوية الصفوف، هذا المكان محجوز وتقام الصلاة وهو محجوز، والمكان يشغل فرجة في الصف، فرق بين هذا المتكاسل الظالم لنفسه ولغيره، وبين من جاء مبكراً فجلس ثم احتاج أن يقوم لحاجة، كأن يتوضأ ويرجع، فجعل مكان جلوسه غطاء رأسه، أو كتاب أو مفرش، فذهب بسرعة ثم رجع، هذا شغل يسير، لا أن يذهب ويطعم وينام، يذهب لحاجة، ومن سبق إلى مكان في المسجد فهو أحق به، ولا يجوز إقامته منه، سواء كان شريفاً أو وضيعاً، غنياً أو فقيراً، صغيراً أو كبيراً، وفي الحديث: (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر) والناس في المباح سواء، ومن غصب فالغصب حرام، وصلاته في هذا المكان باطلة عند جمعٍ من أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>