ومن أحكام الكلام والمحادثة أيضاً: مخاطبة المصلي وهو يصلي، فإذا دعت الحاجة لمخاطبة الإنسان وهو يصلي في الصلاة فإنه يجوز ذلك، لكن أين يقف المتكلم؟ روى الإمام البخاري رحمه الله في حديث أم سلمة لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد العصر وعندها ضيوف، قالت:(سمعت النبي عليه الصلاة والسلام ينهى عنهما -ينهى عن صلاة الركعتين بعد العصر- ثم رأيته يصليهما -فخشيت أم سلمة أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام نسي، فأرادت أن تذكره- قالت: ثم دخل عليَّ، وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه فقولي له -والنبي عليه الصلاة والسلام يصلي-: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين -الركعتين بعد العصر- وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية -ذهبت بجانب النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: يا رسول الله! تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما- فأشار النبي عليه الصلاة والسلام بيده فاستأخرت عنه الجارية، فلما انصرف، قال: يا بنت أبي أمية! -يخاطب زوجته عليه الصلاة والسلام- سألتيني عن الركعتين بعد صلاة العصر، وإنه أتاني أناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان) أي: هاتان قضاء سنة الظهر البعدية، شغله الوفد عنهما فقضاهما بعد العصر، فهو لم يتقصد أن يصلي بعد العصر وإنما كانت قضاءً لسنة الظهر.
إذاً: يجوز مخاطبة المصلي وهو يصلي عند الحاجة، ويقف المتكلم بجانب المصلي حتى لا يشوش عليه، ولو وقف أمامه وتكلم ربما ينظر إليه، ولو وقف وراءه فسوف يتشوش عليه مصدر الكلام، إذاً يقف بجانبه، لأن هذا هو الفقه، وافرض أنك -الآن- تريد أن تغادر بيتك مضطراً، ولا بد أن تخبر إنساناً بكلام فوجدته يصلي وتريد أن تقول له: الحق بي إلى مكان كذا، فبإمكانك أن تترك له ورقة أو مثل هذا، لكن لو خشيت ألا يراها لابد أن تتكلم ثم تمشي، فتقف بجانبه وتقول: الحق بي إلى مكان كذا وتمشي.
قال البخاري رحمه الله: باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع.