ومن آداب الهدية أن الإنسان إذا رد الهدية لسبب يبين للشخص الذي ردها له ما هو السبب، مثال: روى البخاري رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي: (أنه أهدى لرسول صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بـ الأبواء أو بـ ودان -هذا موضع بين مكة والمدينة - صاده، فرده عليه النبي عليه الصلاة والسلام وكان محرماً صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أننا حرمٌ) وقد يقال: ألم يقبل من أبي قتادة الهدية وهو محرم؟ فقد جمع العلماء بين هذين الحديثين وقالوا: إن الصيد إذا صِيْدَ للمحرم -صيد لأجله- فإن عليه أن يرده؛ لأن المحرم لا يأكل الصيد، لا يصيد ولا يأكل الصيد الذي صيد لأجله، لكن إذا لم يصد لأجله جاز له أن يأكل، فـ أبو قتادة لما صاد حمار الوحش عندما لما تضاحك المحرمون من رفقائه والتفتوا ورأى الصيد وصاده، ما صاده لأجل النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان بعيداً عنه، فهو صاده لأجل نفسه، وأهدى للنبي عليه الصلاة والسلام وأكل النبي صلى الله عليه وسلم.
فالفرق بين القصتين أن ما صيد لأجل المحرم لا يُؤكل، وإذا كان لم يُصد لأجله جاز للمحرم أن يأكل منه.
والشاهد الذي أورد الحديث من أجله هنا فهو تبيان أن الإنسان إذا رد الهدية لسبب، فإنه يُطيب خاطر المهدي بتبيان السبب.
وكذلك من الأمور التي تتعلق بالهدية والتي ذكرها أهل العلم: إذا مات المهدى إليه قبل وصول الهدية، فلمن هي؟ هل ترجع للمهدي؟ أو هي لورثة المهدى إليه؟ فالإمام أحمد رحمه الله سُئل عن ذلك، فقال مجيباً عن هذا
السؤال
إن كان حاملها - لما حصل الموت- رسول المهدي رجعت إلى المهدي، وإن كان حاملها رسول المهدى إليه فهي لورثته.
فإذا حصل الاستلام من المهدى إليه أو من رسوله أو ولده دخلت في ملكه وإلا فلا.