[التهنئة بالقدوم من السفر]
أما بالنسبة للتهنئة بالقدوم من السفر فإنه قد ثبت في القدوم من السفر المعانقة والسلام، والقيام والاستقبال وصنع الوليمة وهي تسمى: النقيعة, وقد ثبت في السنة أنه (لما جاء زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرع الباب قام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله) , وكذلك استقبل جعفراً عند عودته من الحبشة، فماذا يقال للمسافر إذا قدم من السفر؟ الناس يقولون مثلاً: الحمد لله على سلامتك أو سلامة الأسفار ومثل هذه الكلمات الطيبة تدخل في عموم الكلام الحسن الذي يقوله الإنسان لأخيه عند حدوث مناسبة سارة كسلامة وصوله من السفر, فلو لم يثبت في ذلك سنة معينة فقال الناس لبعضهم بعضاً: الحمد لله على السلامة أو على سلامتك, أو الحمد لله الذي جمع الشمل بك, ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على الاستبشار بقدوم الغائب وقدوم المسافر فهذا أمر حسن لا بأس به, ولا يدخل في البدعة, لكن إذا قال مثل هذه الألفاظ فعليه ألا يعتقد أنها سنة أو أنه يتقرب إلى الله بشيء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك لو رجع مجاهد من غزو منتصراً فقال له شخص: الحمد لله على النصر الذي كتبه, الحمد لله على ما قدر على أيديكم من إعزاز دينه ونحو ذلك فهذا أيضاً لا بأس به.
كذلك القدوم من الحج والعمرة فإذا قيل له: الحمد لله على سلامتك، تقبل الله عمرتك تقبل الله حجك, ونحو ذلك وهو لا يعتقد أنها سنة ولا يلتزم فيها بلفظ معين, فلا بأس بها, لكن لو أنهم جعلوها ذكراً مطرداً له صيغة معينة, كقول الناس لبعضهم البعض دائماً بعد الصلاة: تقبل الله, أو يقول بعد الوضوء: زمزم، دائماً وباستمرار بحيث يجعلونه كأنه ذكر من الأذكار, فهنا يكون بدعة, ولكن الألفاظ التي فيها دعاء للشخص القادم لا بصيغة معينة ولا يقصد بها أنها سنة ولا يحافظ عليها محافظته على السنة والأذكار الشرعية, فهذه لا بأس بها.
وبعضهم إذا شربت يقول لك: هنيئاً -مثلاً- فيدعو بأن يكون شراباً هنيئاًَ, فهذا إذا لم يواظب عليه مواظبته على الأذكار الشرعية ولم يفعله على أنه سنة أو كأنه سنة أو يحاكي به السنة أو ينافس به الشريعة فلا بأس به.
وكذلك التهنئة باندفاع النقمة أو قدوم النعمة لعموم حديث كعب , والإنسان -مثلاً- إذا بشر بوظيفة أو مال أتاه فهنئ بذلك ودعي له بالبركة فإن هذا أمر حسن ولا بأس به.