وكذلك من آداب الكلام والحديث: الإعراض عن الفحش والألفاظ البذيئة، وهذا معروف، لكن كون البذاءة لا يتلفظ بها الإنسان هذا شيء مفروغ منه، فإن الله عز وجل يبغض الفاحش البذيء:(ما كان النبي عليه الصلاة والسلام فاحشاً ولا متفحشاً) لكن لو أن الإنسان سمع أثناء الكلام فحشاً؛ فإنه يعرض عنه ويشيح بوجهه؛ دلالة على إنكاره للكلمة السيئة أو الشيء الذي يخالف الحياء، فقد روى الإمام البخاري -رحمه الله- عن عائشة:(أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: خذي خرصة ممسكة -قطعة من القطن قد وضعت في المسك- فتوضئي ثلاثاً) ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا، هل يقول: ضعي هذا في المكان كذا؟ فأعرض بوجهه، قالت عائشة:(فأخذتها فجبذتها فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا يدل على أن الإنسان إذا وصل في الكلام إلى حد فيه شيء يخالف الحياء، فإنه يعرض بوجهه، فهذه امرأة تسأل، ولا يناسب أن النبي عليه الصلاة والسلام يفصل لها أكثر من هذا، فتركه لـ عائشة؛ لأن المرأة تتفاهم مع المرأة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، والله عز وجل كنى عن الجماع بالمسيس، قال:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[المائدة:٦] انظر إلى الأدب، فالله عز وجل يعلمنا الأدب {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[المائدة:٦] والملامسة هنا الجماع، وليس مجرد اللمس على الصحيح من أقوال العلماء أن الملامسة هنا غير اللمس، أو لامستم: أي: أتى الرجل أهله.