فمن هم الناس الذين تقصد زيارتهم؟ قال النووي رحمه الله تعالى:"باب: زيارة أهل الخير، ومجالستهم، وصحبتهم، ومحبتهم، وطلب زيارتهم، والدعاء منهم" ذكر هذا في بابٍ من أبواب كتاب رياض الصالحين.
فإذاً المطلوب الآن هو زيارة أهل الخير، أما أهل الشر والسوء فلا يزارون إلا للإنكار عليهم ودعوتهم إلى الله بما لا يترتب عليه مفاسد شرعية، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يشتاق جداً لزيارة جبريل، حتى ورد في صحيح البخاري، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: (ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟ قال: فنزلت {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}[مريم:٦٤] الآية) انظر إلى اشتياق النبي عليه الصلاة والسلام إلى زيارة جبريل، حيث يطلب منه زيارة أكثر، لأن جبريل عليه السلام كلما زار النبي صلى الله عليه وسلم وجد النبي عليه الصلاة والسلام منه علماً نافعاً وهكذا.
وكذلك الصحابة -رضوان الله عليهم- كان يزور بعضهم بعضاً، فقد أرسل النبي عليه الصلاة والسلام معاذاً وأبا موسى إلى اليمن كما ورد ذلك في صحيح البخاري فقال لهما:(يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا) فانطلقا، فقال معاذ لـ أبي موسى:[كيف تقرأ القرآن؟ قال: قائماً وقاعداً وعلى راحلتي وأتفوقه تفوقاً، قال: أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، وضرب فسطاطاً] وفي رواية الإمام أحمد: فكان لكل واحد منهما فسطاط: مكان يأتيه فيه الناس ليتعلموا.
أرسل النبي عليه الصلاة والسلام عالمين إلى أهل اليمن لتعليمهم، وجاء في صحيح البخاري:(فجعلا يتزاوران) مع أنهما رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان كل واحد منهما في مكان، فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى فإذا رجلٌ موثقٌ فقال: ما هذا؟ قال أبو موسى: يهوديٌ أسلم ثم ارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من بدل دينه فاقتلوه) فلو أن واحداً أسلم اليوم ثم ارتد غداً وجب قتله؛ لأنه بدل دينه، وهو دين الإسلام، ولا يدخل في هذا تبديل دين النصرانية واليهودية، وإنما المقصود تبديل دين الإسلام.