أما بالنسبة للهدية على قضاء الحاجات، فإن أهل العلم لهم أقوالٌ في مسألة من أهدى لآخر هدية لأنه قضى له حاجةً مباحة، فقال بعضهم بالحل، وقال بعضهم بالكراهة، ورأي الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن الهدية على عملٍ مباح مكروهة إلا أن يكافئ بمثلها، قال أبو الحارث: إن أبا عبد الله سُئل عن رجل يسأله الرجل حاجةً، فيسعى فيها يقول: يا فلان! هل يمكن أن تقضي لي الحاجة الفلانية؟ -تنهي لي هذه المشكلة أو هذه المعاملة أو هذه الوظيفة- فإذا فعلها له أهدى له هدية، هل يجوز أن يقبلها أم لا؟ فقال الإمام أحمد رحمه الله: إن كان شيئاً من البر وطلب الثواب كرهت له ذلك؛ لأنه لما قضى له الحاجة ماذا أراد الذي قضاها: هل أراد جعلاً؟ هل أراد مقابلاً مادياً؟ هل قال: أسعى في المعاملة أو أقضيها في مقابل مادي؟ هل قال: أسعى لك في المعاملة أو أقضيها لك -مثلاً- أو أتابعها لك أو أنهي لك هذه القضية بمقابل كذا من المال؟ لا.
إنما فعلها لوجه الله.
فإذا أهدي له هدية فإنه لا يأخذها؛ لأنه يريد أن يتم له الأجر، لكن إن أخذها فإنه يأخذها بقصد المكافأة عليها، ويثيب عليها وتكون واحدة بواحدة ويبقى له أجر ما عمل.