أما السفر لزيارة الإخوان، فإن زيارة الإخوان في الله لها منزلة عظيمة في الشريعة لدرجة الندب للسفر لزيارة الإخوان في الله، وهذا أمرٌ قد ضيعناه ونسيناه مع الأسف! فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن:(ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والصديق في الجنة، والمولود في الجنة -عندما يموت صغيراً- والرجل يزور أخاه في الله في ناحية المِصر في الجنة.
ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود التي إذا ظُلِمت -حتى وهي مظلومة- قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً حتى ترضه).
ولا أدل على فضل السفر لزيارة الإخوان في الله من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد ومسلم والبخاري في الأدب المفرد وهو قوله عليه الصلاة والسلام:(زار رجلٌ أخاً له في الله في قرية، فأرصد الله له ملكاً على مدرجته، فقال: أين تريد؟ قال: أخاً لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمةٍ تربها؟ قال: لا، إلا أني أُحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك، أن الله أحبك كما أحببته).
وفي مسند أحمد بلفظ () خرج رجلٌ يزور أخاً له في الله عز وجل، في قريةٍ أخرى -سافر من أجل الزيارة- فأرصد الله عز وجل بمدرجته ملكاً، فلما مر به، قال: أين تريد؟ قال: أريد فلاناً، قال: لقرابةٍ؟ قال: لا، قال: فلنعمةٍ له عندك تربها؟ قال: لا، قال: فَلِمَ تأتيه؟ قال: إني أُحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك أنه يحبك بحبك إياه فيه) بحبك لصاحبك في ذات الله.
ومعنى المدرجة: الطريق، وتربها: يعني تملكها وتستوفيها، تريد أن تحصل منه على شيء، أو تسعى إلى حفظ شيءٍ وتنميته، قال: لا، إلا أني أحبه في الله فقط، عندما سافرت ما حملني على السفر ومكابدة مشاق السفر إلا أني أُحبه في الله، فأنا سافرت وسلكت السبيل لزيارته لأني أحبه في الله، لا لأمرٍ دنيوي، أو لمتاعٍ زائل، وإنما لأني أحبه في الله، أرسل الله ملكاً مخصصاً لأجل أن يبلغه رسالةً من الله عز وجل أن الله يحبه، فلأجل هذا الأجر العظيم سافر لزيارة أخ له في الله.
واليوم المشاغل كثيرة، والأحوال معقدة، والناس يتملصون من زيارة الإخوان في داخل البلد، فكيف بالسفر لزيارة الإخوان؟!! وقد درج السلف -رحمهم الله- من الصحابة وغيرهم على السفر لزيارة إخوانهم والانتفاع بلقياهم؛ لأجر الزيارة وما يسمعونه من العلم، فكان أحدهم يسير الأيام والليالي من أجل زيارة أخٍ له في الله، وسافر سلمان لزيارة آل أبي الدرداء.