ويهونه عليك أيضاً علمك بأن الجزاء من جنس العمل، فإذا عفوت عمن أساء إليك فهكذا يفعل معك المحسن العزيز القادر بك في إساءتك، يقابلها بما قابلت به إساءة عبده إليك.
السادس: مشهد السلامة وبرد القلب، وهذا مشهد شريف لمن عرفه، وذاق حلاوته، وهو أن لا يشغل قلبه وسره بما ناله من الأذى، وطلب الثأر، وشفاء نفسه.
بل يفرغ نفسه من ذلك، ويرى أن سلامته من ذلك أنفع له، وأطيب وألذ، فإن القلب إذا اشتغل بشيء، فاته ما هو أهم عنده منه فيكون مغبوناً.
السابع: مشهد الأمن، فإذا ترك الإنسان المقابلة والانتقام، أمن ما هو شر من ذلك، وإذا انتقم واقعه الخوف ولا بد، فإن ذلك يزرع العداوة، فإذا غفر ولم ينتقم أمن من تولد العداوة وزيادتها، وعفوه وحلمه، يكسر عنه شوكة عدوه، ويكف من جزعه.
الثامن: مشهد الجهاد، وهو أن يشهد تولد أذى الناس له، من جهاده في سبيل الله، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وصاحب هذا المقام قد اشترى الله منه نفسه وماله وعرضه بأعظم الثمن وهو الجنة.
فإذا أراد أن يسلم إليه الثمن فليسلم هو السلعة، ليستحق ثمنها، فلا حق له على من آذاها، فإنه قد وجب أجره على الله، والله يتولى الدفاع عنها.
فمن قام لله، حتى أوذي في الله حرم عليه الانتقام كما قال لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان: ١٧].
التاسع: مشهد النعمة، وهو أن يشهد نعمة الله عليه في أن جعله مظلوماً يترقب النصر، ولم يجعله ظالماً يترقب المقت والأخذ.
ويشهد نعمة الله عليه في التكفير بذلك من خطاياه، فإنه ما أصاب المؤمن من