بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
ويغلظ من حيث عناد الإنسان وضلاله وكفره على بصيرة بعد معرفة الحق كقوم ثمود، وقوم فرعون، وكفر أبي جهل، وكفر اليهود بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويغلظ كذلك من جهة السعي في إطفاء نور الله، وصد عباده عن دينه بما تصل إليه قدرته.
فهؤلاء أشد الكفار جرماً، وأشدهم عذاباً، وليس عذاب مَنْ دونهم ممن جهل الحق، ولم يؤذ المؤمنين، ولم يصد عن سبيل الله كهؤلاء، فمن الكفار من تجتمع في حقه الجهات الثلاث ومنهم اثنتان، ومنهم واحدة، وعلى حسب غلظ الكفر يكون العذاب.
الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الكفرة.
فهؤلاء بمنزلة الدواب، يعبدون ما يعبد آباؤهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة: ١٧٠].
فهم لا يحاربون المسلمين ولا يؤذونهم، لكنهم لا يتبعونهم، فهؤلاء كفار جاهلون، ومن قبلهم كفار معاندون.
والمقلد الذي تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه يختلف عن المقلد الذي لم يتمكن من ذلك بوجه.
والقسمان واقعان في الوجود:
فالمتمكن المعرض مفرط، تارك للواجب عليه، ولا عذر له عند الله.
أما العاجز عن السؤال والعلم، الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضا:
أحدهما: مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة.
الثاني: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه.
ففرق بين عجز الطالب، وعجز المعرض.