للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٠ - فقه الرعاية]

قال الله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)} [الأعراف: ١٧١].

وقال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء: ٣٤].

الرعاية: مراعاة العلم، وحفظه بالعمل، ومراعاة العمل بالإخلاص والإحسان، وحفظه من المفسدات، ومراعاة الحال بموافقة الشرع.

ومن التزم لله شيئاً لم يلزمه الله إياه من أنواع القرب لزمه رعايته وإتمامه كمن شرع في طاعة مستحبة بإتمامها، فالتزامها بالشروع كالتزامها بالنذر.

فكما يجب عليه ما التزمه بالنذر وفاءً، يجب عليه رعاية ما التزمه بالفعل إتماماً.

وقد ذم الله سبحانه من لم يرع قربة ابتدعها لله تعالى حق رعايتها كما قال سبحانه عن النصارى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٧)} [الحديد: ٢٧].

فكيف بمن لم يرع قربة شرعها الله لعباده، وأذن بها، وحث عليها، وأمر بها سبحانه؟

والرعاية التي ينبغي للمسلم الالتزام بها ثلاث درجات:

الأولى: رعاية الأعمال، وتكون بأدائها على الوجه المشروع في حدودها وصفاتها وأوقاتها، واستصغارها في عينه واستقلالها، وأن ما يليق بعظمة الله وجلاله وحقوق عبوديته أمر آخر قصر عنه العبد، وأنه لم يعرف حقه، وأنه لا يرضى لربه بعمله الناقص ولا بشيء منه، فيكثر من الاستغفار.

فمن شهد واجب ربه سبحانه، وشهد مقدار عمله، وشهد عيب نفسه، لم يجد بداً من استغفار ربه منه، واحتقاره إياه، واستصغاره.

ويوفي الأعمال حقها من غير أن يلتفت إليها ويعددها ويذكرها، وذلك مخافة

<<  <  ج: ص:  >  >>