كل ما سوى الله عزَّ وجلَّ مملوك لا ينفع ولا يضر ولا يعطي ولا يمنع إلا بإذن الله، فالأمر كله لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.
وهو سبحانه الذي يقلب الليل والنهار، ويقلب القلوب والأبصار، المتفرد بالضر والنفع، والعطاء والمنع، والخفض والرفع، ما من دابة إلا وهو آخذ بناصيتها: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].
وذلك كله يقتضي تعظيمه ومحبته سبحانه، وعبادته وطاعته؛ لإحسانه إلى عباده، وإسباغ نعمه عليهم.
وكتاب الله عزَّ وجلَّ مملوء من ذكر حاجة العبيد إلى الله دون ما سواه، ومن ذكر نعمائه عليهم، ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات، وليس عند المخلوق شيء من هذا.
فعلى العبد التوكل على ربه وحده، والشكر له ومحبته على إحسانه، وفي تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه إذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته المعينة على عبودية الله وتفريغ قلبه له.
والله سبحانه غني حميد، كريم رحيم، فهو المحسن إلى عبده مع غناه عنه، يريد به الخير، ويكشف عنه الضر، لا لجلب منفعة إليه سبحانه، ولا يدفع مضرة، بل رحمة منه وإحساناً.