[٩ - فقه الحكمة]
قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة: ٢٦٩].
وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)} [النحل: ١٢٥].
الحكمة: هي العلم النافع، والعمل الصالح.
وكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية:
فتكميل قوته العلمية بمعرفة الحق، ومعرفة المقصود به.
وتكميل قوته العملية بالعمل بالخير، وترك الشر.
وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل، وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك.
فالحكمة: معرفة الحق والعمل به، والإصابة في القول والعمل.
والحكمة نوعان: علمية، وعملية.
فالعلمية: الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها خلقاً وأمراً، وقدراً وشرعاً.
والعملية: هي وضع الشيء في موضعه.
والحكمة على ثلاث درجات:
الأولى: أن تعطي كل شيء حقه، ولا تعديه حده، ولا تعجله عن وقته، ولا تؤخره عنه، وهذا حكم عام لجميع الأسباب مع مسبباتها شرعاً وقدراً.
فإضاعتها تعطيل للحكمة، بمنزلة إضاعة البذر، وسقي الأرض، وتعدي الحق، كسقيها فوق حاجتها، بحيث يغرق البذر والزرع ويفسد.
وتعجيلها عن وقتها كحصاد الزرع قبل إدراكه وكماله، وترك الغذاء والشراب