للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - آفة الرياء]

قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٤ - ٧].

وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)} [النساء: ١٤٢].

الله عزَّ وجلَّ أغنى الأغنياء عن الشرك، فلا يقبل من الأعمال إلا ما كمل وخلص من شوائب الشرك والرياء.

والرياء حرام، والمرائي عند الله ممقوت.

والرياء من أعظم آفات النفس وأشد غوائلها.

وأكثر ما يبتلى بالرياء العلماء والعباد والأغنياء والمجاهدون، والمشمرون عن ساق الجد لسلوك سبيل الآخرة.

فإن هؤلاء مهما قهروا أنفسهم وجاهدوها، وفطموها عن الشهوات، وصانوها عن الشبهات، وحملوها على أصناف العبادات إلا عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة، فطلبت الاستراحة إلى التظاهر بالخير، وإظهار العلم والعمل، فسارعت إلى إظهار الطاعة، وتوصلت إلى اطلاع الخلق ولم تقنع باطلاع الخالق، وفرحت بحمد الناس، ولم تقنع بحمد الله وحده.

وعلمت أنهم إذا عرفوا تركه الشهوات، وتوقيه الشبهات، وتحمله مشاق العبادات، أطلقو ألسنتهم بالمدح والثناء، ونظروا إليه بعين الوقار والتعظيم، وبالغوا في إطرائه، وتبركوا بمشاهدته، ورغبوا في بركة دعائه، وحرصوا على اتباع رأيه، وفاتحوه بالخدمة والسلام، وأكرموه في المحافل غاية الإكرام، وقدموه في المجالس، وسامحوه في البيع والمعاملات، وتصاغروا له متواضعين.

فأصابت النفس في ذلك لذة هي أعظم اللذات، وشهوة هي أغلب الشهوات،

<<  <  ج: ص:  >  >>