قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].
وقال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإٍسراء: ٨٢].
الله عزَّ وجلَّ جعل للقلوب نوعين من الغذاء:
الأول: الطعام والشراب الحسي، وللقلب منه خلاصته وصفوه، ولكل عضو منه بحسب استعداده وقبوله.
الثاني: غذاء روحاني معنوي، خارج عن الطعام والشراب من السرور والفرح، والابتهاج واللذة، والعلوم والمعارف.
وبهذا الغذاء كان سماويًا علويًا، وبالغذاء المشترك كان أرضيًا سفليًا، وقوامه بهذين الغذاءين.
وللقلب ارتباط بكل واحدة من الحواس الخمس، وله غذاء يصل إليه منها كحاسة السمع والبصر، وحاسة اللمس والشم والذوق، وارتباطه بحاستي السمع والبصر أشد من ارتباطه بغيرهما، ووصول الغذاء منهما إليه أكمل وأقوى من سائر الحواس.
وانفعاله عنهما أشد من انفعاله عن غيرهما، واقترانه في القرآن بهما أكثر من اقترانه بغيرهما.
بل لا يكاد يقرن إلا بهما أو بأحدهما كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨)} [النحل: ٧٨].
وتأثر القلب بما يراه ويسمعه، أعظم من تأثره بما يلمسه ويذوقه ويشمه، ولأن هذه الثلاثة هي أهم طرق العلم وهي السمع والبصر والعقل.