للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠ - فقه الإنابة]

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٨)} [الزمر: ١٧].

وقال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤)} [الزمر: ٥٤].

وقال الله تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)} [هود: ٨٨].

الإنابة: هي الرجوع إلى الله، وانصراف دواعي القلب وجواذبه إليه. وهي تتضمن المحبة والخشية، فإن المنيب محب لمن أناب إليه، خاضع له، خاشع ذليل بين يديه.

ومعنى الإنابة: هي عكوف القلب على الله عزَّ وجلَّ كاعتكاف البدن في المسجد لا يفارقه.

وحقيقة الإنابة: عكوف القلب على محبة الله، وذكره بالإجلال والتعظيم، وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له، والمتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ومن لم يعتكف قلبه على الله وحده عكف على التماثيل المتنوعة كما قال إمام الحنفاء لقومه: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢)} [الأنبياء: ٥٢].

فالإنابة هي الرجوع إلى الحق، وهي نوعان:

أحدها: إنابة لربوبيته سبحانه، وهي إنابة البشر كلهم المؤمن والكافر، والبر والفاجر كما قال سبحانه: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)} [الروم: ٣٣].

الثاني: إنابة لألوهيته، وهي إنابة أوليائه إليه إنابة عبودية ومحبة، وهي تتضمن أربعة أمور:

<<  <  ج: ص:  >  >>