للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محبة الله .. والخضوع له .. والإقبال عليه .. والإعراض عما سواه، كما قال سبحانه: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥)} [ق: ٣١ - ٣٥].

والصحابة رضي الله عنهم لما آمنوا وأنابوا إلى الله تغير فكرهم .. وتغير عملهم .. وتغيرت عواطفهم .. وتغير جهدهم.

فاجتهدوا للدين حتى صارت الطاعات عندهم شهوات، وصارت المعاصي بمنزلة السموم المهلكة .. واجتهدوا على تحصيل الإيمان والأعمال الصالحة بدل الاستكثار من الأموال والأشياء.

وأكثر المسلمين اليوم اجتهدوا للدنيا حتى صارت الأشياء المادية عندهم شهوات .. وثقلت عليهم الطاعات .. وصارت المعاصي لهم محبوبات .. فالإيمان واحد، والوحي واحد، والقلوب واحدة، ولكن اليقين اختلف.

فالمؤمن يقينه على الإيمان والأعمال الصالحة، وغير المؤمن يقينه على الأموال والأشياء.

والصحابة رضي الله عنهم لكمال إنابتهم ومحبتهم للدين يستأذنون الدين ليعملوا قليلاً للدنيا، ونحن نستأذن الدنيا لنعمل للدين.

والصحابة رضي الله عنهم يحبون مجالس الذكر؛ لأن في قلوبهم عظمة الله، والدار الآخرة، وكثير من المسلمين يملون مجالس الذكر؛ لأن في قلوبهم عظمة المخلوق، وحب الشهوات.

والصحابة رضي الله عنهم استخدموا أنفسهم وأموالهم وأفكارهم وأوقاتهم للدين، وأكثر المسلمين اليوم استخدموها للدنيا والشهوات.

والناس في إنابتهم إلى ربهم على درجات متفاوتة:

فمنهم المنيب إلى الله بالرجوع إليه من المخالفات والمعاصي، وهذه الإنابة

<<  <  ج: ص:  >  >>