للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - آفة العُجْب

قال الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥)} [التوبة: ٢٥].

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩)} [النساء: ٤٩].

آفات العجب كثيرة:

فإن العجب يدعو إلى الكبر؛ لأنه أحد أسبابه، فيتولد من العجب الكبر، ومن الكبر الآفات الكثيرة التي لا تخفى كما سبق، هذا مع العباد.

وأما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها، وما يتذكره منها يستصغره ولا يستعظمه، فلا يجتهد في تداركه وتلافيه، بل يظن أنه يُغفر له.

وأما العبادات والأعمال فالمعجب يستعظمها ويتبجح بها، ويمن على الله بفعلها، وينسى نعمة الله عليه بالتوفيق لها، والتمكين منها، ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها، ومن لم يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعاً.

والمعجب يغتر بنفسه وبرأيه، ويأمن مكر الله وعذابه، ويظن أنه عند الله بمكان، وأن له عند الله منَّة وحقاً بأعماله التي هي نعمة وعطية من عطاياه، ويخرجه العجب إلى أن يثني على نفسه ويحمدها ويزكيها.

وإن أعجب برأيه وعقله وعمله منع ذلك من الاستفادة والاستشارة والسؤال، فيستبد بنفسه ورأيه، ويستنكف مِنْ سؤال مَنْ هو أعلم منه.

ومن أعظم آفات العجب أن يفتر العبد عن السعي لظنه أنه قد فاز، وأنه قد استغنى، وهذا هو الهلاك الصريح الذي لا شبهة فيه.

فهذا وأمثاله من آفات العجب، فلهذا صار من المهلكات.

والعجب: هو استعظام النعمة والركون إليها، مع نسبتها إلى نفسه ونسيان إضافتها إلى المنعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>