الشهوة واللذة من حيث هي مطلوبة للإنسان، بل ولكل حي، فلا تذم من جهة كونها لذة، وإنما تذم ويكون تركها خيراً من نيلها وأنفع إذا تضمنت فوات لذة أعظم منها وأكمل وأنفع، أو أعقبت ألماً حصوله أعظم من ألم فواتها.
ومتى عرف العاقل التفاوت بين اللذتين والألمين هان عليه ترك الأدنى لتحصيل الأعلى، واحتمال أيسر الألمين لدفع أعلاهما.
وإذا تقرر هذا:
فلذة الآخرة أعظم وأدوم .. ولذة الدنيا أصغر وأقصر .. والآخرة خير من الأولى كما قال سبحانه: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (١٥)} [آل عمران: ١٥].
وألم الدنيا أخف وأقصر .. وألم الآخرة أشد وأبقى كما قال سبحانه: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} [الرعد: ٣٤].
وإذا قوي اليقين وباشر القلب آثر الأعلى على الأدنى في جانب اللذة، واحتمل الألم الأسهل على الأصعب.
والصبر على الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة:
فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة .. وإما أن تقطع لذة أكمل منها .. وإما أن تضيع